الأربعاء، 2 ديسمبر 2009

توأمة بين زين العابدين بن علي ونتنياهو

تناقلت وسائل الإعلام إصابة زين العابدين بن علي بأنفلونزا الخنازير التي انتقلت إليه من حفيدته، وأحيط وضعه الصحي بالكثير من السرية والكتمان حرصا على الأمن القومي، وحرصا على سلامة الوطن من العابثين والمتشككين بقدرة الزعيم على القيادة ومتابعة شؤون الوطن أثناء مرضه، وترافقت هذه السرية بجهود حثيثة ونشاط واسع لإيجاد علاج سريع وفعال ومناسب لمرض زعيم تونس.
وقد تسرب بعض الأخبار وربما إشاعات عن أخذه جرعه مضادة لأنفلونزا الخنازير صناعة كورية، ولكن ثبت أن المصل الكوري ليس بفعال كما يجب وان كان بنفس الوقت لا يشتمل على أضرار جانبيه، وكان مستشاري الرئيس التونسي يقلقهم أن يكون للمصل آثارا جانبية أكثر من علاج الزعيم، وكان لديهم خشية أن يكون للمصل الكوري تأثيرات على التوجهات السياسية لدوله تونس، وان يصبح موقف الزعيم الذي قد يواجهه ربه بسبب المرض اقرب مما كان عليه في السابق وأكثر سرعة في إعداد احد انسبائه لخلافته.
فالأنظمة العربية دأبت منذ فترة التراجع الوطني والانهزام القيمي تتحول من جمهوريات الى جمهوريات ملكية، وذلك بسبب الآثار الجانبية لنظرية التطور الرأسمالي، ونظرية رأسمالية الدولة الوطنية التي تقودها البرجوازية الوطنية الصغيرة وتحقق وحدة السوق وتبني منجزات ومهام الثورة الوطنية الديمقراطية وتركب قطار التقدم، وتسير به بأقصى سرعة بحيث تصبح فيه بزمن قياسي موازية لدول مثل ألمانيا واليابان التي خرجت مهزومة من الحرب العالمية الثانية، إلا أن الأعراض الجانبية لنظريات التطور والتقدم التي قد لا تتلاءم مع الواقع المحلي ،أدت الى انحراف القطار عن سكته ودخلت القوى الديمقراطية الجمهورية والجماهيرية في تداخل مع تركيبة الدول الملكية التي لطالما ناصبتها العداء ووصفتها بالرجعية. فسوريا فيها توريث ومصر تعد لذلك وتونس وليبيا وربما آخرين مثل اليمن، لدرجة تشعر معها دول مثل قطر والأردن والسعودية أنها أصابت هذه البلدان بعدوى الرجعية وعدوى التوريث، علما أن هذه الدول وخاصة قطر أو الكويت فيها شفافية وديمقراطيه أكثر من الدول التي تنحاز للبرامج القومية والليبرالية أحيانا، وتدعي تمثيل مصالح الشعب والتعبير عنها.
وان كانت هذه الدول تستطيع بإعلامها وشعاراتها المنفوخة تستطيع ادعاء تمثيل السكان والتعبير عن مصالحهم وتحكم البلاد بيد من حديد، فان نظرة لمعدلات النمو فيها بالمقارنة مع الأنظمة الملكية نجد ان التطور والنمو والتعليم في بعض دول الخليج اكبر مما هو لدى الدول التي ما زالت ترعي شعار القومية كذبا وبهتانا، وترفع لواء الحرية وتمارس القمع وتنادي بحريه التعبير وتسجن الصحافيين وتعتقلهم وتضربهم كما في تونس التي جرى فيها منذ فترة وجيزة انتخابات شارك فيها أكثر من تسعين بالمائة من الشعب.
ومنذ فترة قريبة أيضا كان في إسرائيل انتخابات ديمقراطيه لم يشارك فيها تسعين بالمائة من السكان، ولم يفز فيها حزب دون غيره ولم يستطع حزب بمفرده ان يشكل الحكومة لعدم حصوله على ما يكفي من المقاعد اللازمة لتشكيل الحكومة، وفي إسرائيل اغلب الأحيان تتشكل الحكومة كائتلاف يضم العديد من الأحزاب وتكون اقرب ما تكون لحكومة الوحدة الوطنية، وخلال فترة حكم بعض الزعماء العرب التي تزيد عن 30 سنة، كان في إسرائيل ما يقارب هذا العدد من الحكومات المنتخبة.
وقد لا يكون الخلل فقط في الزعيم، وإنما أيضا في نوع المؤسسات الحاكمة في الوطن العربي التي عبر سيطرتها على الإعلام وشؤون الحياة اليومية وأدوات الحكم والقمع تستطيع الفوز بأغلبية أو بالإجماع أو تغير بنود في الدستور في دقائق لتتلاءم مع ضرورات انتخاب فرد بعينه، وعلى سبيل المثال يوجد في تونس 600 ألف شرطي لحفظ النظام وللمشاركة في حروب محتملة، والحرب المحتملة ربما تكون ضد الشعب كما الأمن المركزي المصري في مصر، هذا إضافة للعديد من أفراد الأجهزة الأمنية الأخرى من جيش ومخابرات، فكيف لا يفوز الزعماء العرب بنسب عالية إذا كان لديهم وأقاربهم السيطرة على شركات الاتصال، والشركات الاقتصادية الخدمية الأخرى وأجهزة الإعلام والجيش، ونسوق عرضا أن ميزانية إسرائيل للدفاع هذا العام تزيد عن 15 مليار دولار،وحجم الناتج القومي لإسرائيل اكبر من حجم الناتج القومي للدول العربية مجتمعة، رغم صغر حجمها وإمكانياتها وثرواتها بالمقارنة مع الدول العربية
وما دمنا بصدد الحديث عن أنفلونزا الخنازير وهي وباء وشأن يومي كما السياسة، فبعض الزعماء مصابون بأمراض سياسية مزمنة ويزيد الطين بلة إصابة زين العابدين بن علي بأنفلونزا الخنازير، ووسط هرج ومرج ولغط وحركة مستشارين ومتابعين انشغلت تونس بأمرين الصمت على الموضوع والتكتيم عليه، وفي الظل والخفاء والظلمة بحث متواصل عن مصل أصلي وليس كوري، وبعد أن تناقلت وكالات الأنباء خبر إلغاء النتن ياهو زيارته لألمانيا، شعر مستشاري زين العابدين بالارتياح لا عن عداوة لإسرائيل ولا عداوة للنتن ياهو ولا عن شماتة ليست من شيم العرب، ولكن على أمل ان يحصل التونسيين عبر قنوات سرية على المصل من إسرائيل .
فقسم من العرب لديهم ثقة بإسرائيل غير مفهوم سببها او مصدرها، وان كان هناك إشاعات ان مصدر ثقة بعض زعماء العرب بإسرائيل سببه كونها صنيعة الاستعمار، ولأنهم أيضا صنيعة الاستعمار فلديهم شعور بالأخوة والتوأمة مع إسرائيل(وما بحن على العود الا قشره) وان إسرائيل اقرب منهم للغرب ولأمريكا، والتقرب منها هو تقرب لمن يرغبون بإرضائه، وكأن الأمور لا تنجح بدون إسرائيل كما حصل قبل أسبوعين من زيارة وفد تجاري إسرائيلي الى عمان بشكل غير رسمي، حيث أصبح يعتقد البعض ان نجاح المؤتمر التجاري منوط بإسرائيل وقوة الشعب في عمان المطلة على الخليج العربي وقريبه جغرافيا من إيران لا يتحقق بدون الوفد التجاري الإسرائيلي، فحركة الواردات والصادرات تزداد وربما حرصا من السلطان قابوس على شعبه سمح لهذا الوفد الإسرائيلي بالوصول الى سلطنته والمشاركة بأعمال المؤتمر بدون دعوة رسمية ودون ان يحمل الوفد صفة رسمية وكأنهم عابري سبيل، وقد نسمع بعد فترة ان إسرائيل عالجت الرمل في سلطنة عمان وأصبح من نوعية جيدة.
قد لا يحتاج الحكام العرب لذرائع لتحسين علاقاتهم مع إسرائيل والتوأمة موجودة بدون أنفلونزا الخنازير التي أصابت زين العابدين ونتنياهو، فهم موحدين لأنهم نتاج لنفس الأم والأب ولكن العرب أبناء ضرة وإسرائيل الابنة الجميلة للغرب والاستعمار، والشعب الفلسطيني والشعوب العربية ضحية صمتها وضحيه الاستعمار وما ينشا عنه من احتلال وثقافة وإعلام واقتصاد ، فهل ننتظر الشفاء من حالتنا السياسية كما ننتظر الشفاء لمن هو ليس بزين وليس من العابدين وليس بعلي، ام ننتظر ان يكون المرض والصدفة سلاحنا ضد زعماء إسرائيل ونقول الله اعطى والله اخذ على اعتبار ان ترجمة اسم نتياهو من العبرية للعربية تعني عطالله، والله اعطا والله اخذ فلينتظر الشعب العربي والفلسطيني رحمة رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق