الاثنين، 30 نوفمبر 2009

صفقة تبادل الأسرى:سياقات مختلفة لنتيجة واحدة

يزيد عدد المعتقلين السياسيين الفلسطينيين في سجون ومعتقلات إسرائيل عن عشرة آلاف أسير، أكلت منهم جدران السجن، وتصارعت مع نفوسهم وعقولهم سنوات الانتظار الطويل، وبين بارقة أمل تظهر وبين إحباط وفشل، يستمر الأسرى الفلسطينيين متمسكين بالثوابت الوطنية دون أن ينكسر لهم جناح او يخبو إيمانهم بقضيتهم العادلة، إلا أن عرض قضيتهم وطريقة تناولها ربما يحتاج إلى إعادة نظر، أو أكثر من ذلك يحتاج إلى نظر، فوجود بعضهم خلف القضبان لأكثر من ثلاثين عاما يشير إلى أن قضيتهم لا تحظي بما يكفي من اهتمام.
مع اقتراب صفقة شاليط من التمام نرى أن قسما من الأسرى الذين سوف تشملهم صفقة التبادل يفصلهم عن الوطن والأهل خطوات او أيام او ساعات قليلة، وهذا مدعاة للفرح والسرور، ولكننا وسط البهجة والفرح والسرور يجب ألا ننسى ان الصفقة تشمل عشر الأسرى فقط، فيما يتبقى تسعة آلاف قيد الأسر إلى ما شاء الله، فالله وحده يعلم كم من وقت وكم من سنين سيبقى من ضحوا وحملوا لواء القضية خلف القضبان.
ان كل مرحلة لها استحقاقاتها وظروفها والصراع متواصل بين مد وجزر وليس كل شيء بيد الطرف الفلسطيني وحده، وان يكن الأمر على هذا النحو فعلينا أيضا ان نسلط الضوء على موضوع الأسرى وطرق تناوله، وان نساعد في فهمه وفي العمل على أن يكون في المكان الذي يستحقه على المستوى الشعبي والرسمي المحلي والعالمي القانوني والنضالي، فقضية الأسرى قضية لها وجوه عديدة وتقرأ من زوايا مختلفة، وجدير بنا أن نرى فيها قضية نضالية قبل كل شيء، ليس نضالية بان نرى أن الأسرى مناضلين من اجل الحرية بل واجبنا أن نناضل من اجل نيل حريتهم.
حيث انعقد المؤتمر الدولي لنصرة الأسري قبل أيام في مدينة أريحا، من اجل تدويل قضية الأسرى وتحويلها لقضية دولية، مثل تدويل القضية الفلسطينية وتحويلها لقضية دولية وإنسانية، وكان المطلوب من العالم أن يحرر الفلسطيني ويعطيهم وطن من خلال مقررات الشرعية الدولية ، وهي بالطبع قرارات تفيد ولكنها غير كافية، فحصولنا على قرارات دولية بخصوص الأسرى واعتبارهم أسرى حرب سيكون قرارا ايجابيا جدا، ولكن إبقاء وضع الأسرى في دائرة الضوء الإعلامي والقرارات المشرقة دوليا لن تضيء زنزانة سجين، ولن تقربه يوما آخر من أهله، فقط تبقى أملا بان قضيته مازالت حاضرة حتى الآن في ذهن الوزارة- وزارة شؤون الأسرى التي عقدت مؤتمر أو مهرجان أريحا، الذي شارك فيه العديد من شخصيات المجلس التشريعي والفصائل وبعض النخب وقليل من الأسرى وأهاليهم، حيث أكد الكل واجمع المشاركين على ان قضية الأسرى هي في ضمير الشعب والسلطة، التي لن تتأخر في العمل على إطلاق سراحهم خاصة وان اوباما طلب من نتنياهو الإفراج عن ألف أسير لمصلحة ابو مازن، إلا ان ثبات ابو مازن على موقفه من عدم الدخول في المفاوضات منع تحريرهم.
من المؤكد أننا غير مطالبون بدفع ثمن تفاوضي لإطلاق سراح الأسرى، فلا احد يريد أن يقدم تنازلات وطنية لتحرير الأسرى، وان يكون ثمن حريتهم هو ما ضحوا وناضلوا من اجله بالأساس، وعندما جاءت اوسلو تخيلنا ان السجون سوف تصبح فارغة والقدس تكون عاصمة واللاجئين يعودون وتقام الدولة في حدود عام 67، كل ذلك لم يحصل القدس عاصمة موحدة لإسرائيل واللاجئين لم يعودوا، وأراضي 67 تقضم تدريجيا بالمستوطنات ومصادرة الأراضي والطرق الالتفافية والجدار.
ويتزايد عدد الأسرى والاعتقالات الإسرائيلية متواصلة يوميا في مناطق السلطة الوطنية، رغم شجب مؤتمر الأسرى الدولي في اريحا لذلك ومطالبته بان يكونوا أسرى حرب، ومراجعة المؤسسات الدولية والقانونية لأجل ذلك وتسليط الضوء على قضية الأسرى، وربما ان كان الضوء شديدا واتى مباشرة في عيون الأسرى التي لم تعهد سوى ظلام الزنازين من فترة طويلة ان لا يروا الحرية إلا بصورة لا تخلو من غباش ، صورة ينقصها الوضوح واكتمال الرؤية، خاصة وان الوطن وطنين وبدل الحكومة حكومتين، ويجري في نفس فترة انعقاد المؤتمر مفاوضات شاقة وصعبه يشارك فيها أطراف فلسطينية وعربية ودوليه للإفراج عن الجندي شاليط الذي اسر بعملية قتالية شاركت فيها فصائل فلسطينية وحماس، التي تفاوض من اجل إطلاق سراح ألف أسير فلسطيني، مفاوضات شاقة مستمرة من سنوات سوف يكون من ضمنها قادة وأطفال ونساء وأسرى محكومين أحكام طويلة.
وماذا بعد؟؟ ماذا بخصوص عشرة آلاف أسير آخر، هل نختار وسيلة ما اعنت عنه جمعية أسرى في غزه عن جائزة بمليون دينار لمن يأسر جندي، وأين الفصائل التي الأسرى جنود في صفوفها وناضلوا باسمها، أين منظمة التحرير المثل الشرعي والوحيد، وأين السلطة التي تقيم علاقات دولية وعربية وتفاوض باسم الشعب من قضيتهم، أم أن قضية الأسرى تنحسر من طرف السلطة باستحقاق مالي يتم كهبة وليس راتب، ويكون في أسفل الترتيب المالي لرواتب السلطة الوطنية.
او هل علينا قبل كل شيء استعادة وحدة الوطن ووحدة القيادة ووحدة الاداء والقرار، والاتفاق على سبل حل ومواجهه قضية الأسرى في مجال الإعلام والسياسة والمال وفي المجال الميداني، وان تتحمل السلطة مسؤولياتها ويكون لها هي وحماس موقف حاسم تجاه قضية الأسرى، وان نجد روابط بين الأرض والإنسان، والا نتنازل عن أي منهم وان تكون ليس شرطا تفاوضيا وإنما استحقاق، فالزمن يمر على الأسرى ومن اعتقل مع تباشير عمليه السلام (مفاوضات مدريد) أصبح له الآن أكثر من 18 سنه بالسجن.
فهل ينتظر البعض ما تبقى من عمره يقضيها خلف القضبان، والأرض التي ناضل من اجلها تتقلص، حقيقة أن الكثير من الأسرى كانوا مشاريع شهادة، وما كان لهم ان يندموا على حياتهم لو انجزت عملية التحرير او تحقق شيئا لشعبهم او وطنهم،
ويجدر القول انه بمجرد تخلي القيادة الفلسطينية عن اللاءات الثلاث رفض الصلح والتفاوض والاعتراف كان الاولى ان يكون حينها الاسرى جميعا خارج السجون، ما قيمة السلام وأي سلام نتحدث عنه ما دام من ناضل من اجله ما زال بالسجن، هل هو سلام الشعب بأكمله ما دامت السلطة تمثله او سلام القلة التي ربما لم تدخل السجن يوما وتفاوض من فنادق ومنابر وفضائيات.
هل على الأسرى ان يستمر اعتقالهم واحتجازهم رهينة لمفاوضات قد تستمر سنوات ولربما أجيال ما دمنا رفعنا شعار الحياة مفاوضات، قد يكون التفاوض جزء مهم من عمليه إنهاء اعتقال الأرض والإنسان، لكن يجدر بنا الثبات على محددات دقيقة وشروط واضحة ولا نتقدم باتجاه المفاوضات إلا إذا تحققت هذه الشروط ومن ضمنها قضيه الأسرى، وأول شرط لقبول فكرة التنسيق الأمني هو المطالبة بالإفراج عن الأسرى، فما قيمة وجود وزارات وأجهزة أمنية تحافظ على عدم الاشتباك مع الإسرائيليين وتقوم بالحفاظ على الأمن والنظام معتبرة من يتصرف عكس ذلك خارج عن القانون، كما تعمل حماس نفس الشيء في قطاع غزة من اجل ضبط التحرك الميداني والسياسي بيد واحدة. قد نتفهم ونفهم كل من موقف السلطة وحماس في اعتبار أن كل منهما تمثل سلطة، ولكن نطلب من السلطة وحماس أيضا أن يتفهموا ان لنا حق بان يفرج عن أسرانا بدون تأخير، ولسنا من يحدد الوسائل والسبل، إنما حماس والسلطة والفصائل سواء اخترنا طريق النضال أو طريق المفاوضات يجب الا يتأخر الأسرى وقتا إضافيا داخل المعتقلات، فبالقدر الذي سيفرح أسرى وعائلات وشعب بأكمله في حال إتمام صفقة شاليط سيكون بجانبها مزيد من الحزن والألم والإحباط لدي من تبقى الى اجل غير مسمى في المعتقلات فهل من مقاتل مجيب او مفاوض مصغي؟

السبت، 28 نوفمبر 2009

متغيرات في الوعي الفلسطيني

متغيرات في الوعي الفلسطيني
ملامح كل وعي وطني واجتماعي واقتصادي تتعرض للتغير والتعديل بين فتره واخرى، وتكون انعكاس لحركه التفاعل المتبادل ما بين الوعي كشيء فاعل وما بين كون الوعي شيء يتاثر بادوات الفعل الاجتماعي، واحيان يكون الوعي الجمعي فاعلا واحيان يكون مستقبل سلبي لتاثيرات محليه وخارجيه، والوعي الجماعي يفهم فقط في وحده المفاهيم والسلوك وحده النظريه والتطبيق مجتمعان معا والوعي الفلسطيني في القرائه له يعيش حاله من المتغيرات كما كل جسم حي.الا ان حاله كل جسم تحتاج الى رصد ومتابعه وتحديد مراحل لعمليه النمو او التقلص او الخبو والضمور ، ولكون المجتمع الفلسطيني في وعيه وثقافته ليس منفصلا عن باقي العالم وهو جزء منه نستطيع ،ولا بد ان نراه من خلال الوعي العام وتسليط الضوء على الملامح المحليه ودرجه تاثرها وتاثيرها في هذه الفتره في الثقافه الانسانيه على وجهه العموم،
1-السبب السياسي/ان ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عمليه احتلال لارضه وتشريد شعبه_جعلت العامل السياسي من اكبر اسباب التاثير في وعيه_من اجاد روح وفكر وثقافه القتال وثقافه التحدي والثيلا والصنود وروح العطاء والتضحيه والسير نحو الحريه،_الا ان العامل
السياسي كعامل متغير بين مد وجزروهبوط وصعود وتراكم اثر الهزائم والانتصارات في وعي الشعب كان له اكبر التاثير في صياغه وصقل الثقافه الوطنيه،وليس بمقدورنا في مقال بسيط رسم تفاصيل كافه المراحل ،
مثلت مرحله ما بعد اوسلو عمليه الانتقال في وعي الشعب الفلسطيني وممارسته ، من عمليه صراعيه فيها قدر من التحدي في وعي الذات الفلسطينيه لذاتها، الى عمليه انكسار وهزيمه للفكر السائد في مرحله العولمه والقبول بتذيل السياسه الدوليه والخضوع لمنطق الاقوياء ، وتقريبا التخلي عن فكر وثقافه المقاومه والقبول بثقافه الهزيمه بديلا عنها،ولربما لم يكون الامر اختياريا من الناحيه الموضوعيه،لوجود منطق القوىالذي يفرض برامجه ويفرض ثقافته،وان كان هذا صحيح من ناحيه اختلال ميزان القوى الموضوعي على الارض فلم يكون صحيحا على الاطلاق تبني وقبول مفاهيم الطرف الاخر والعمل على تكريسها من خلال سياده نهج المفاوضات، والقبول بما يتيحه العدو من مسموح ومن ممنوع في الوعي الفلسطيني ،ولوقوع البعض في مفاهيم التسويه بات الترويج لها هو التغير الذي نريد الاشاره اليه في تغيير وتغييب فعل اللتقافه الوطنيه المقاومه، ولم يتم ذلك منن خلال شرح وتوضيح ان هذه محطه وبعدها محطات وان عدم التوازن الموضوعي للقوى ان كان في مرحله ما بعد اوسلو يصب في خدمه الاعداء ،فليس هذا نهايه المطاف ،الا ان تصوير نهج المفاوضات ونهج تطبيق ثقافه التنسيق الامني في الميدان ساعد في خبو وعي المقاومه وتكريس وعي الهزيمه ووضع الشعب تحت مشاعر نهايه المطاف في الصراعوكون ضربه لمفهوم الحق واستبدله بمفهوم القبول بالوقائع التي من بدايتها وحتى نهايتها وبتفاصيلها تحمل لونا صهيونيا عدوانيا توسعيا.
2-السبب الميثيولوجي/لكون الوعي خليط من مفاهيم روحانيه ومشاعر وفكر عالمي ومحلي وتاريخي ومعاصر،تبرز في وعي الشعوب،في ظل المراحل المختلفه رؤى ومفاهيم وحقائق واوهام احيان تكون انعكاس صادق للواقع واحيان تكون تاويلا وهميا له ،حيث ان بعض القوى والافراد نتيجه الهزائم والتراجع والصعوبات واسباب اخرى تستمد من الماضي انتصارات ،وتستمد ايضا ثقافه ووعيا سلفيا تريد ان تسحبه على الحاضر وتعمل بنفس الوقت على صياغه المستقبل بمفردات تجازها قطار الزمن، فالصعوبات تؤدي بالناس لقبول الاوهام وزياده الايمان بالروحانيات والاستعداد لتقبل ما يتناقض مع روح العصر والعلم لعلى الوهم يكون بديلا عن صعوبه الواقع،وفي هذا الجو تنتشر السلفيه والعوده لروح الاباء والاجداد، وتنتشر الرجعيه،وبسبب الفراغ الذي احدثه انهيار اللاتحاد السوفيتي عالميا وهزيمه العراق عربيا وهزيمه الفلسطينين تفاوضيا على المستوى المحلى؛شكل نظام العولمه وولاده احاديه القطب ،غذاء قوى لفكره السلفيه ، ولان ما يعتبر دولا ناميه والدول العربيه والمجتمع الفلسطيني ،تعتبر اماكن ودول ومجتمعات وشعوب لم تنجز مهام التحرر الوطني ولا مهام الديمقراطيه،ولجذورها الروحانيه والدينيه ،كان للفكر السلفي والرجعيه اكبر الانتشار وملئت الفراغ الذي نتج عن تراجع دور القوى اليساريه، والفراغ في الثقافه التحرريه والوطنيه نتيجه التطبيع مع اسرائيل وهزيمه المفاوضات بعد اوسلوا، ولم يكون الفكر السلفي فقط فكرا محصورا في الجوامع بل اصبح فكرا يستجيب للمطلبات الوطنيه ويبث روح الجهاديه التي توسعت على حساب روح الوطنيه الفلسطينيه التي كانت حركه فتح رائدا لها، واصبح شعار المرحله عند الكثيرين نريد وطنا مؤقتا على الارض وحياه ابديه في الجنه.
3-العامل الاقتصادي/بالتاكيد ان العامل الاقتصادي في حياه اي شعب من الشعوب يشكل في وعيهم صدى وانعكاس مباشر وغير مباشر،وان ما يمارسه شعب بسبب وعيه وفي وعيه يكون بتاثير حياته الاقتصاديه وظروف معيشته، وان عدم الاستقلال السياسي وعدم نيل الحريه والعجز عن بناء اقتصاد وطني وهذه ليست مشكله فلسطينيه محليه، وانما هي مشكله ما يعرف بالدول المتخلفه التي فقدت زمام المبادره والقدره على بناء مجتمعات متطوره، واصبحت في ذيل التطور العالمي ومكانها ودورها هو انتاج دوره الاستهلاك ودوره التخلف،وكوننا في فلسطين والوطن العربي على العموم مرتبطين في حلقه التطور الراسمالي وناتي كمستهلكين لمنتجات وادواته وفكره ونصبح اردنا ام لم نرد احدى هذه المنتجات واحدى هذه الادوات،فانتاج التخلف الاقتصادي والفكر السلفي والفكر الانهزامي لدى حركات التحرر ،هو بضاعه اجنبيه راسماليه ينتجها تراكم الراسمال على صعيد العالم ووحده الاسواق العالميه،ولان الضفه الغربيه وقطاع غزه تفتقد لعمقها العربي وامتدادها الجغرافي بسبب اتفاقيات اوسلو، فانها عاجزه عن التطور والنمو، ولا تستطيع ان تطعم نفسها لا سلطه ولا شعب بدون المعونات الاقتصاديه التي تقدم من الدول الغربيه جزاء دورها الامنى وجزاء قبولها بعدم رفض اراسرائيل وهذا يتم في ظروف الممارسه الساسيه الرسميه كموقف معلن وفي ظروف الممارسه الشعبيه كموقف مطلوب من الفلسطينين حمايته والاستمرار في العيش ضمنه، وهو ثقافه الاستهلاك وثقافه القبول مما يقدم من الغير بحجه دعم الشعب وعداله قضيته، والحقيقه ان ذلك يقدم مقابل قبول الشعب الفلسطيني باسرائيل، وان اي اعتراض في برامج القوى الفلسطينيه من حيث الفكر او السلوك على اسرائيل يكون سببا في عدم تقديم هذه المساعدات واحيان اجرلء عقوبات وحصار
واصبح جليا ان المطلوب ليس وجود فئه بسيطه تطالب او توافق على وجود اسرائيل وطبيعتها العدوانيه الاستيطانيه، وانما تغيير الوعي العام واستنئصال روح المقاومه لديه، والغاء الايمان من وعيه باحقيه الفلسطينين في وطنهم وارضهم، فهو صراع يتم ليس بالجغرافيا ولا بمساحات احتلال عسكري وانما احتلال فكري بسبب الوضع الاقتصادي الذي يجب ان يكون كما يراه نتنياهو امتداد للسوق الاسرائيليه وليس سوقا وطنيا ، ولا دوله وطنيه في الوقت الذي نقوم على المستوى السياسي الرسمي بدور اقل من الحكم الذاتي.
اخيرا ان ارتباط السوق المحليه ببعض الشركات الاستهلاكيه والخدماتيه العابره للقارات ،وفقدات التواصل الجغرافي بين الضفه وقطاع غزه او حتى داخل حدود الضفه الغربيه، وفقدارن العلاقه الجغرافيه بين فلسطين وعمقها ومحيطها العربي،ووجود سلطه سياسيه مطلوب مها وان تمنعت احيانا،ان تقوم بدور الترويض الاعلامي وتغيير وعي الشعب ليصبح اكثر تقبلا لفكره الاحتلال او فكره الاستقلال المنقوص، ودورها القمعي في اداء ذلك من خلال التذرع بافكار من نوع تاكيد عناصر السياده الوطنيه وما شابه ذلك من افكار ومفاهيم وسلوكيات ليس فيها من شيء سوى التضليل،والمستفيد على المدى البعيد منها اسرائيل القادره على الاستمرار في التوسع وابتلاع وقضم ما تبقى من فلسطين،وخلق وهم ان لنا سلطه وهي القادره على تحقيق حلم الوطن الفلسطيني وتحييد الشعب وتحييد وعيه الوطني المقاوم،وترويضه من خلال ثقافه الاستهلاك والاعتماد على الغير وارتباطه اقتصاديا بمن يقدم له الدعم والمقابل سوف يكون ثمنا سياسيا هو الاقرار بالوقائع التي تفرضها اسرائيل على الارض والوقائع اشياء عنيده.
ان ضعف المهمات وتاكل ادوات الصراع يؤدى وادى الى تراجع الادوار، فالارتباط البنيوى في اسرائيل حولنا الى كنتوناتتتقبل ذلك برعايه دوليه وعربيه ولا يمكن ان ينتج عن هكذا وضع بنيوي علماء او قاده(الي في القدر بتطوله المغرفه)واصبح لدينا تغير كبير في وعينا ولا نرى الوطن ولا الهويه الا كما يريدها غيرنا فصورتنا امام ذاتنا اصبحت مسلوبه وغير مستقله، ولربما من المجدى اعاده الروح لمفاهيم مثل التحرر والوطنيه والقوميه وانتاج وعي فلسطيني وعربي مقاوم على المستوى الشعبي والرسميوصوره الهويه والوطن ليس لها ان تنمو في تربه غير تربه الصراع والصراع الحاد والعميق.

متغيرات في الوعي الفلسطيني
ملامح كل وعي وطني واجتماعي واقتصادي تتعرض للتغير والتعديل بين فتره واخرى، وتكون انعكاس لحركه التفاعل المتبادل ما بين الوعي كشيء فاعل وما بين كون الوعي شيء يتاثر بادوات الفعل الاجتماعي، واحيان يكون الوعي الجمعي فاعلا واحيان يكون مستقبل سلبي لتاثيرات محليه وخارجيه، والوعي الجماعي يفهم فقط في وحده المفاهيم والسلوك وحده النظريه والتطبيق مجتمعان معا والوعي الفلسطيني في القرائه له يعيش حاله من المتغيرات كما كل جسم حي.الا ان حاله كل جسم تحتاج الى رصد ومتابعه وتحديد مراحل لعمليه النمو او التقلص او الخبو والضمور ، ولكون المجتمع الفلسطيني في وعيه وثقافته ليس منفصلا عن باقي العالم وهو جزء منه نستطيع ،ولا بد ان نراه من خلال الوعي العام وتسليط الضوء على الملامح المحليه ودرجه تاثرها وتاثيرها في هذه الفتره في الثقافه الانسانيه على وجهه العموم،
1-السبب السياسي/ان ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عمليه احتلال لارضه وتشريد شعبه_جعلت العامل السياسي من اكبر اسباب التاثير في وعيه_من اجاد روح وفكر وثقافه القتال وثقافه التحدي والثيلا والصنود وروح العطاء والتضحيه والسير نحو الحريه،_الا ان العامل
السياسي كعامل متغير بين مد وجزروهبوط وصعود وتراكم اثر الهزائم والانتصارات في وعي الشعب كان له اكبر التاثير في صياغه وصقل الثقافه الوطنيه،وليس بمقدورنا في مقال بسيط رسم تفاصيل كافه المراحل ،
مثلت مرحله ما بعد اوسلو عمليه الانتقال في وعي الشعب الفلسطيني وممارسته ، من عمليه صراعيه فيها قدر من التحدي في وعي الذات الفلسطينيه لذاتها، الى عمليه انكسار وهزيمه للفكر السائد في مرحله العولمه والقبول بتذيل السياسه الدوليه والخضوع لمنطق الاقوياء ، وتقريبا التخلي عن فكر وثقافه المقاومه والقبول بثقافه الهزيمه بديلا عنها،ولربما لم يكون الامر اختياريا من الناحيه الموضوعيه،لوجود منطق القوىالذي يفرض برامجه ويفرض ثقافته،وان كان هذا صحيح من ناحيه اختلال ميزان القوى الموضوعي على الارض فلم يكون صحيحا على الاطلاق تبني وقبول مفاهيم الطرف الاخر والعمل على تكريسها من خلال سياده نهج المفاوضات، والقبول بما يتيحه العدو من مسموح ومن ممنوع في الوعي الفلسطيني ،ولوقوع البعض في مفاهيم التسويه بات الترويج لها هو التغير الذي نريد الاشاره اليه في تغيير وتغييب فعل اللتقافه الوطنيه المقاومه، ولم يتم ذلك منن خلال شرح وتوضيح ان هذه محطه وبعدها محطات وان عدم التوازن الموضوعي للقوى ان كان في مرحله ما بعد اوسلو يصب في خدمه الاعداء ،فليس هذا نهايه المطاف ،الا ان تصوير نهج المفاوضات ونهج تطبيق ثقافه التنسيق الامني في الميدان ساعد في خبو وعي المقاومه وتكريس وعي الهزيمه ووضع الشعب تحت مشاعر نهايه المطاف في الصراعوكون ضربه لمفهوم الحق واستبدله بمفهوم القبول بالوقائع التي من بدايتها وحتى نهايتها وبتفاصيلها تحمل لونا صهيونيا عدوانيا توسعيا.
2-السبب الميثيولوجي/لكون الوعي خليط من مفاهيم روحانيه ومشاعر وفكر عالمي ومحلي وتاريخي ومعاصر،تبرز في وعي الشعوب،في ظل المراحل المختلفه رؤى ومفاهيم وحقائق واوهام احيان تكون انعكاس صادق للواقع واحيان تكون تاويلا وهميا له ،حيث ان بعض القوى والافراد نتيجه الهزائم والتراجع والصعوبات واسباب اخرى تستمد من الماضي انتصارات ،وتستمد ايضا ثقافه ووعيا سلفيا تريد ان تسحبه على الحاضر وتعمل بنفس الوقت على صياغه المستقبل بمفردات تجازها قطار الزمن، فالصعوبات تؤدي بالناس لقبول الاوهام وزياده الايمان بالروحانيات والاستعداد لتقبل ما يتناقض مع روح العصر والعلم لعلى الوهم يكون بديلا عن صعوبه الواقع،وفي هذا الجو تنتشر السلفيه والعوده لروح الاباء والاجداد، وتنتشر الرجعيه،وبسبب الفراغ الذي احدثه انهيار اللاتحاد السوفيتي عالميا وهزيمه العراق عربيا وهزيمه الفلسطينين تفاوضيا على المستوى المحلى؛شكل نظام العولمه وولاده احاديه القطب ،غذاء قوى لفكره السلفيه ، ولان ما يعتبر دولا ناميه والدول العربيه والمجتمع الفلسطيني ،تعتبر اماكن ودول ومجتمعات وشعوب لم تنجز مهام التحرر الوطني ولا مهام الديمقراطيه،ولجذورها الروحانيه والدينيه ،كان للفكر السلفي والرجعيه اكبر الانتشار وملئت الفراغ الذي نتج عن تراجع دور القوى اليساريه، والفراغ في الثقافه التحرريه والوطنيه نتيجه التطبيع مع اسرائيل وهزيمه المفاوضات بعد اوسلوا، ولم يكون الفكر السلفي فقط فكرا محصورا في الجوامع بل اصبح فكرا يستجيب للمطلبات الوطنيه ويبث روح الجهاديه التي توسعت على حساب روح الوطنيه الفلسطينيه التي كانت حركه فتح رائدا لها، واصبح شعار المرحله عند الكثيرين نريد وطنا مؤقتا على الارض وحياه ابديه في الجنه.
3-العامل الاقتصادي/بالتاكيد ان العامل الاقتصادي في حياه اي شعب من الشعوب يشكل في وعيهم صدى وانعكاس مباشر وغير مباشر،وان ما يمارسه شعب بسبب وعيه وفي وعيه يكون بتاثير حياته الاقتصاديه وظروف معيشته، وان عدم الاستقلال السياسي وعدم نيل الحريه والعجز عن بناء اقتصاد وطني وهذه ليست مشكله فلسطينيه محليه، وانما هي مشكله ما يعرف بالدول المتخلفه التي فقدت زمام المبادره والقدره على بناء مجتمعات متطوره، واصبحت في ذيل التطور العالمي ومكانها ودورها هو انتاج دوره الاستهلاك ودوره التخلف،وكوننا في فلسطين والوطن العربي على العموم مرتبطين في حلقه التطور الراسمالي وناتي كمستهلكين لمنتجات وادواته وفكره ونصبح اردنا ام لم نرد احدى هذه المنتجات واحدى هذه الادوات،فانتاج التخلف الاقتصادي والفكر السلفي والفكر الانهزامي لدى حركات التحرر ،هو بضاعه اجنبيه راسماليه ينتجها تراكم الراسمال على صعيد العالم ووحده الاسواق العالميه،ولان الضفه الغربيه وقطاع غزه تفتقد لعمقها العربي وامتدادها الجغرافي بسبب اتفاقيات اوسلو، فانها عاجزه عن التطور والنمو، ولا تستطيع ان تطعم نفسها لا سلطه ولا شعب بدون المعونات الاقتصاديه التي تقدم من الدول الغربيه جزاء دورها الامنى وجزاء قبولها بعدم رفض اراسرائيل وهذا يتم في ظروف الممارسه الساسيه الرسميه كموقف معلن وفي ظروف الممارسه الشعبيه كموقف مطلوب من الفلسطينين حمايته والاستمرار في العيش ضمنه، وهو ثقافه الاستهلاك وثقافه القبول مما يقدم من الغير بحجه دعم الشعب وعداله قضيته، والحقيقه ان ذلك يقدم مقابل قبول الشعب الفلسطيني باسرائيل، وان اي اعتراض في برامج القوى الفلسطينيه من حيث الفكر او السلوك على اسرائيل يكون سببا في عدم تقديم هذه المساعدات واحيان اجرلء عقوبات وحصار
واصبح جليا ان المطلوب ليس وجود فئه بسيطه تطالب او توافق على وجود اسرائيل وطبيعتها العدوانيه الاستيطانيه، وانما تغيير الوعي العام واستنئصال روح المقاومه لديه، والغاء الايمان من وعيه باحقيه الفلسطينين في وطنهم وارضهم، فهو صراع يتم ليس بالجغرافيا ولا بمساحات احتلال عسكري وانما احتلال فكري بسبب الوضع الاقتصادي الذي يجب ان يكون كما يراه نتنياهو امتداد للسوق الاسرائيليه وليس سوقا وطنيا ، ولا دوله وطنيه في الوقت الذي نقوم على المستوى السياسي الرسمي بدور اقل من الحكم الذاتي.
اخيرا ان ارتباط السوق المحليه ببعض الشركات الاستهلاكيه والخدماتيه العابره للقارات ،وفقدات التواصل الجغرافي بين الضفه وقطاع غزه او حتى داخل حدود الضفه الغربيه، وفقدارن العلاقه الجغرافيه بين فلسطين وعمقها ومحيطها العربي،ووجود سلطه سياسيه مطلوب مها وان تمنعت احيانا،ان تقوم بدور الترويض الاعلامي وتغيير وعي الشعب ليصبح اكثر تقبلا لفكره الاحتلال او فكره الاستقلال المنقوص، ودورها القمعي في اداء ذلك من خلال التذرع بافكار من نوع تاكيد عناصر السياده الوطنيه وما شابه ذلك من افكار ومفاهيم وسلوكيات ليس فيها من شيء سوى التضليل،والمستفيد على المدى البعيد منها اسرائيل القادره على الاستمرار في التوسع وابتلاع وقضم ما تبقى من فلسطين،وخلق وهم ان لنا سلطه وهي القادره على تحقيق حلم الوطن الفلسطيني وتحييد الشعب وتحييد وعيه الوطني المقاوم،وترويضه من خلال ثقافه الاستهلاك والاعتماد على الغير وارتباطه اقتصاديا بمن يقدم له الدعم والمقابل سوف يكون ثمنا سياسيا هو الاقرار بالوقائع التي تفرضها اسرائيل على الارض والوقائع اشياء عنيده.
ان ضعف المهمات وتاكل ادوات الصراع يؤدى وادى الى تراجع الادوار، فالارتباط البنيوى في اسرائيل حولنا الى كنتوناتتتقبل ذلك برعايه دوليه وعربيه ولا يمكن ان ينتج عن هكذا وضع بنيوي علماء او قاده(الي في القدر بتطوله المغرفه)واصبح لدينا تغير كبير في وعينا ولا نرى الوطن ولا الهويه الا كما يريدها غيرنا فصورتنا امام ذاتنا اصبحت مسلوبه وغير مستقله، ولربما من المجدى اعاده الروح لمفاهيم مثل التحرر والوطنيه والقوميه وانتاج وعي فلسطيني وعربي مقاوم على المستوى الشعبي والرسميوصوره الهويه والوطن ليس لها ان تنمو في تربه غير تربه الصراع والصراع الحاد والعميق.

متغيرات في الوعي الفلسطيني
ملامح كل وعي وطني واجتماعي واقتصادي تتعرض للتغير والتعديل بين فتره واخرى، وتكون انعكاس لحركه التفاعل المتبادل ما بين الوعي كشيء فاعل وما بين كون الوعي شيء يتاثر بادوات الفعل الاجتماعي، واحيان يكون الوعي الجمعي فاعلا واحيان يكون مستقبل سلبي لتاثيرات محليه وخارجيه، والوعي الجماعي يفهم فقط في وحده المفاهيم والسلوك وحده النظريه والتطبيق مجتمعان معا والوعي الفلسطيني في القرائه له يعيش حاله من المتغيرات كما كل جسم حي.الا ان حاله كل جسم تحتاج الى رصد ومتابعه وتحديد مراحل لعمليه النمو او التقلص او الخبو والضمور ، ولكون المجتمع الفلسطيني في وعيه وثقافته ليس منفصلا عن باقي العالم وهو جزء منه نستطيع ،ولا بد ان نراه من خلال الوعي العام وتسليط الضوء على الملامح المحليه ودرجه تاثرها وتاثيرها في هذه الفتره في الثقافه الانسانيه على وجهه العموم،
1-السبب السياسي/ان ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عمليه احتلال لارضه وتشريد شعبه_جعلت العامل السياسي من اكبر اسباب التاثير في وعيه_من اجاد روح وفكر وثقافه القتال وثقافه التحدي والثيلا والصنود وروح العطاء والتضحيه والسير نحو الحريه،_الا ان العامل
السياسي كعامل متغير بين مد وجزروهبوط وصعود وتراكم اثر الهزائم والانتصارات في وعي الشعب كان له اكبر التاثير في صياغه وصقل الثقافه الوطنيه،وليس بمقدورنا في مقال بسيط رسم تفاصيل كافه المراحل ،
مثلت مرحله ما بعد اوسلو عمليه الانتقال في وعي الشعب الفلسطيني وممارسته ، من عمليه صراعيه فيها قدر من التحدي في وعي الذات الفلسطينيه لذاتها، الى عمليه انكسار وهزيمه للفكر السائد في مرحله العولمه والقبول بتذيل السياسه الدوليه والخضوع لمنطق الاقوياء ، وتقريبا التخلي عن فكر وثقافه المقاومه والقبول بثقافه الهزيمه بديلا عنها،ولربما لم يكون الامر اختياريا من الناحيه الموضوعيه،لوجود منطق القوىالذي يفرض برامجه ويفرض ثقافته،وان كان هذا صحيح من ناحيه اختلال ميزان القوى الموضوعي على الارض فلم يكون صحيحا على الاطلاق تبني وقبول مفاهيم الطرف الاخر والعمل على تكريسها من خلال سياده نهج المفاوضات، والقبول بما يتيحه العدو من مسموح ومن ممنوع في الوعي الفلسطيني ،ولوقوع البعض في مفاهيم التسويه بات الترويج لها هو التغير الذي نريد الاشاره اليه في تغيير وتغييب فعل اللتقافه الوطنيه المقاومه، ولم يتم ذلك منن خلال شرح وتوضيح ان هذه محطه وبعدها محطات وان عدم التوازن الموضوعي للقوى ان كان في مرحله ما بعد اوسلو يصب في خدمه الاعداء ،فليس هذا نهايه المطاف ،الا ان تصوير نهج المفاوضات ونهج تطبيق ثقافه التنسيق الامني في الميدان ساعد في خبو وعي المقاومه وتكريس وعي الهزيمه ووضع الشعب تحت مشاعر نهايه المطاف في الصراعوكون ضربه لمفهوم الحق واستبدله بمفهوم القبول بالوقائع التي من بدايتها وحتى نهايتها وبتفاصيلها تحمل لونا صهيونيا عدوانيا توسعيا.
2-السبب الميثيولوجي/لكون الوعي خليط من مفاهيم روحانيه ومشاعر وفكر عالمي ومحلي وتاريخي ومعاصر،تبرز في وعي الشعوب،في ظل المراحل المختلفه رؤى ومفاهيم وحقائق واوهام احيان تكون انعكاس صادق للواقع واحيان تكون تاويلا وهميا له ،حيث ان بعض القوى والافراد نتيجه الهزائم والتراجع والصعوبات واسباب اخرى تستمد من الماضي انتصارات ،وتستمد ايضا ثقافه ووعيا سلفيا تريد ان تسحبه على الحاضر وتعمل بنفس الوقت على صياغه المستقبل بمفردات تجازها قطار الزمن، فالصعوبات تؤدي بالناس لقبول الاوهام وزياده الايمان بالروحانيات والاستعداد لتقبل ما يتناقض مع روح العصر والعلم لعلى الوهم يكون بديلا عن صعوبه الواقع،وفي هذا الجو تنتشر السلفيه والعوده لروح الاباء والاجداد، وتنتشر الرجعيه،وبسبب الفراغ الذي احدثه انهيار اللاتحاد السوفيتي عالميا وهزيمه العراق عربيا وهزيمه الفلسطينين تفاوضيا على المستوى المحلى؛شكل نظام العولمه وولاده احاديه القطب ،غذاء قوى لفكره السلفيه ، ولان ما يعتبر دولا ناميه والدول العربيه والمجتمع الفلسطيني ،تعتبر اماكن ودول ومجتمعات وشعوب لم تنجز مهام التحرر الوطني ولا مهام الديمقراطيه،ولجذورها الروحانيه والدينيه ،كان للفكر السلفي والرجعيه اكبر الانتشار وملئت الفراغ الذي نتج عن تراجع دور القوى اليساريه، والفراغ في الثقافه التحرريه والوطنيه نتيجه التطبيع مع اسرائيل وهزيمه المفاوضات بعد اوسلوا، ولم يكون الفكر السلفي فقط فكرا محصورا في الجوامع بل اصبح فكرا يستجيب للمطلبات الوطنيه ويبث روح الجهاديه التي توسعت على حساب روح الوطنيه الفلسطينيه التي كانت حركه فتح رائدا لها، واصبح شعار المرحله عند الكثيرين نريد وطنا مؤقتا على الارض وحياه ابديه في الجنه.
3-العامل الاقتصادي/بالتاكيد ان العامل الاقتصادي في حياه اي شعب من الشعوب يشكل في وعيهم صدى وانعكاس مباشر وغير مباشر،وان ما يمارسه شعب بسبب وعيه وفي وعيه يكون بتاثير حياته الاقتصاديه وظروف معيشته، وان عدم الاستقلال السياسي وعدم نيل الحريه والعجز عن بناء اقتصاد وطني وهذه ليست مشكله فلسطينيه محليه، وانما هي مشكله ما يعرف بالدول المتخلفه التي فقدت زمام المبادره والقدره على بناء مجتمعات متطوره، واصبحت في ذيل التطور العالمي ومكانها ودورها هو انتاج دوره الاستهلاك ودوره التخلف،وكوننا في فلسطين والوطن العربي على العموم مرتبطين في حلقه التطور الراسمالي وناتي كمستهلكين لمنتجات وادواته وفكره ونصبح اردنا ام لم نرد احدى هذه المنتجات واحدى هذه الادوات،فانتاج التخلف الاقتصادي والفكر السلفي والفكر الانهزامي لدى حركات التحرر ،هو بضاعه اجنبيه راسماليه ينتجها تراكم الراسمال على صعيد العالم ووحده الاسواق العالميه،ولان الضفه الغربيه وقطاع غزه تفتقد لعمقها العربي وامتدادها الجغرافي بسبب اتفاقيات اوسلو، فانها عاجزه عن التطور والنمو، ولا تستطيع ان تطعم نفسها لا سلطه ولا شعب بدون المعونات الاقتصاديه التي تقدم من الدول الغربيه جزاء دورها الامنى وجزاء قبولها بعدم رفض اراسرائيل وهذا يتم في ظروف الممارسه الساسيه الرسميه كموقف معلن وفي ظروف الممارسه الشعبيه كموقف مطلوب من الفلسطينين حمايته والاستمرار في العيش ضمنه، وهو ثقافه الاستهلاك وثقافه القبول مما يقدم من الغير بحجه دعم الشعب وعداله قضيته، والحقيقه ان ذلك يقدم مقابل قبول الشعب الفلسطيني باسرائيل، وان اي اعتراض في برامج القوى الفلسطينيه من حيث الفكر او السلوك على اسرائيل يكون سببا في عدم تقديم هذه المساعدات واحيان اجرلء عقوبات وحصار
واصبح جليا ان المطلوب ليس وجود فئه بسيطه تطالب او توافق على وجود اسرائيل وطبيعتها العدوانيه الاستيطانيه، وانما تغيير الوعي العام واستنئصال روح المقاومه لديه، والغاء الايمان من وعيه باحقيه الفلسطينين في وطنهم وارضهم، فهو صراع يتم ليس بالجغرافيا ولا بمساحات احتلال عسكري وانما احتلال فكري بسبب الوضع الاقتصادي الذي يجب ان يكون كما يراه نتنياهو امتداد للسوق الاسرائيليه وليس سوقا وطنيا ، ولا دوله وطنيه في الوقت الذي نقوم على المستوى السياسي الرسمي بدور اقل من الحكم الذاتي.
اخيرا ان ارتباط السوق المحليه ببعض الشركات الاستهلاكيه والخدماتيه العابره للقارات ،وفقدات التواصل الجغرافي بين الضفه وقطاع غزه او حتى داخل حدود الضفه الغربيه، وفقدارن العلاقه الجغرافيه بين فلسطين وعمقها ومحيطها العربي،ووجود سلطه سياسيه مطلوب مها وان تمنعت احيانا،ان تقوم بدور الترويض الاعلامي وتغيير وعي الشعب ليصبح اكثر تقبلا لفكره الاحتلال او فكره الاستقلال المنقوص، ودورها القمعي في اداء ذلك من خلال التذرع بافكار من نوع تاكيد عناصر السياده الوطنيه وما شابه ذلك من افكار ومفاهيم وسلوكيات ليس فيها من شيء سوى التضليل،والمستفيد على المدى البعيد منها اسرائيل القادره على الاستمرار في التوسع وابتلاع وقضم ما تبقى من فلسطين،وخلق وهم ان لنا سلطه وهي القادره على تحقيق حلم الوطن الفلسطيني وتحييد الشعب وتحييد وعيه الوطني المقاوم،وترويضه من خلال ثقافه الاستهلاك والاعتماد على الغير وارتباطه اقتصاديا بمن يقدم له الدعم والمقابل سوف يكون ثمنا سياسيا هو الاقرار بالوقائع التي تفرضها اسرائيل على الارض والوقائع اشياء عنيده.
ان ضعف المهمات وتاكل ادوات الصراع يؤدى وادى الى تراجع الادوار، فالارتباط البنيوى في اسرائيل حولنا الى كنتوناتتتقبل ذلك برعايه دوليه وعربيه ولا يمكن ان ينتج عن هكذا وضع بنيوي علماء او قاده(الي في القدر بتطوله المغرفه)واصبح لدينا تغير كبير في وعينا ولا نرى الوطن ولا الهويه الا كما يريدها غيرنا فصورتنا امام ذاتنا اصبحت مسلوبه وغير مستقله، ولربما من المجدى اعاده الروح لمفاهيم مثل التحرر والوطنيه والقوميه وانتاج وعي فلسطيني وعربي مقاوم على المستوى الشعبي والرسميوصوره الهويه والوطن ليس لها ان تنمو في تربه غير تربه الصراع والصراع الحاد والعميق.

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

حلويات حماس وأرقام جينس القياسية"حماس ترش على الموت سكر"

تسجل موسوعة جينس للأرقام القياسية في اليوم الواحد أرقاما جديدة، فمنها أرقام ذات مضامين هامة، ومنها أرقام ليس لها غاية سوى تجاوز حدا معينا، وإعطاء بعد دعائي تضليلي والتركيز على سطح الأمور دون التطرق إلى جوهرها، وان كانت النية والغاية بالأساس سليمة لمن يقوموا بتحقيق هذه الأرقام القياسية والتعب عليها.
وفي الأيام الأخيرة كان لدينا في الخليل من اجل الحفاظ على التراث أطول ثوب تراثي فلسطيني، وكان ذو شكل جميل وحياكة جيدة، ولكنه ليس عنوانا للقضية الفلسطينية وان كان جزء منها، فتأكيد الزي الفلسطيني لا يتم خلال تحويله لمجرد رمز بل من خلال الاستمرار بارتدائه.
وليس هذا فقط فقد كان الأجدى أن نحصل على الرقم القياسي في مجال الحياكة كونه أكبر ثوب، وليس في مجال القضية الوطنية التي تحولت في رقم قياسي آخر إلى اكبر مفتاح فلسطيني لرفع شعار عودة اللاجئين إلى ديارهم، وتحويل الرمز إلى مقدس.
فاستبدال الواقع بالطوطم وتحويل الرمز كبديل عن الواقع يمثل خطرا، فنحن نريد العودة إلى ديارنا فلسطين، ولكننا نريدها ليس في مشاعرنا فحسب ولا يتم بالرمزية فقط وإنما باقتران الحق بالقوة.
وحتى لا نتوه ونترك موضوعنا الرئيس نتحدث عن أرقام عربية من اكبر سدر كنافة إلى اكبر طاجن مغربي، وكلها أنشطة ايجابية إذا حصرناها في حدودها، الطاجن في مجال الطبخ، والثوب في مجال الحياكة واكبر صحن تبوله في شفا عمرو في مجال السلطات، وان كنا غائبين عن أمور أكثر جوهرية كحركة مقاومة وطنية فلم نصل يوما إلى تحقيق رقم قياسي في معدل عدد القتلى من الجنود المحتلين، رغم اننا حققنا أرقاما في مجال الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني كما سابقا في مجال الاقتتال الإسلامي الإسلامي، ومثل إبقاء جثة عبدالله بن الزبير أطول فترة معلقا على أستار الكعبة، ومثل سبي آل البيت على يد -يزيد ابن معاوية- من أتباع الحسين بن علي حيث سار بهم عراة من الكوفة حتى دمشق، أو كما قامت حماس بتصفية من لجأ إلى المسجد من سلفيين في رفح بوقت قياسي تجاوز الوقت للذين اعتصموا بالمسجد الأحمر في باكستان.
ونحن هنا نريد التميز بين الأرقام القياسية والفصل بين طبيعتها وبين ما يضفى عليها من لون وطني أو سياسي أو ديني، ولا ننسى أن نشير أن سعودي اخترع اصغر غواصة في العالم حجمها بحجم كره الفوتبول الامريكي، وعندما شاهدتها في الأخبار عرفت اللغز الذي كنا نحكيه ونحن أطفال(طاسه ترنطاسه في البحر غطاسه شي هي) إنها الاختراع السعودي اصغر غواصة في العالم فنحن نمتلك التكنولوجيا كلها ونملك اكبر البوراج ونريد الآن اختراع ميكرو غواصة.
إن الانشغال بالانجازات الصغيرة لاغراض الانجاز، او للعجز عن انجاز ما هو جوهري وأساسي يضعنا في موقف لا بد ان نلاحظ فيه ان هناك من يحاول ان يخدعنا كما تحاول حركه حماس في قطاع غزه ان تعمل، فلقد قررت ان تزور كل بيت من بيوت القطاع وتقديم كيلو غرام من الحلوى بمناسبة العيد وقد زارت أكثر من 28 ألف بيت خلال يومين، والناس على العموم تحب الحلويات وخاصة في الأعياد، وما يميز زيارات حماس هذه المرة أنها ليست فقط لما يسموه أسرة المسجد، فلكل مسجد اسرة أنصار وهي إنتاج على نطاق واسع للمؤلفة قلوبهم، تقوم على نظام. "تكون معنا بندعمك ما بتكون معنا ما بندعمك" ولن ندعمك،مع العلم أن معدل الفقر في قطاع غزة بتزايد دائم حيث أكد معهد دراسات التنمية في غزة فلسطينية أن معدل الفقر وصل في يناير 2008 الى نسبة 80%، وأن الذين يعيشون في فقر مدقع تصل نسبتهم الى 7,66%، اما هذه المساعدات فلا تكون خالصة لوجه الله بل هي مدفوعة لمقابل أما سياسي او شخصي.
وحققنا اكبر أرقام قياسيه أيضا فيما يخص الأنفاق فعدد قتلى الأنفاق بلغ أكثر من 130، فيما أصيب أكثر من 575 فلسطينيًّا منذ عام 2006، ولم يعد خافيا ان الأنفاق ضرورية في ظل الحصار لإيصال ما ينقص الناس من احتياجات حياتية، ولكن ان تتحول الأنفاق لاستثمار لعصابات التهريب أو لبعض المتنفذين لتحقيق مكاسب سريعة وشخصية، خاصة ان هناك أرقاما قياسية في ازدياد نحولة الشعب وزيادة سمنة القلة القليلة، رغم ما رفع من شعارات عن الزيت والزعتر فيدخل من الأنفاق ملايين ويدخل منها الحشيش المصري والمخدرات وتباع المنشطات مثل الاكامول وتكثر عمليات الابتزاز وعمليات تبيض الأموال.
ولا يعني أن من يقيم الصلاة يجب أن يكون حكما على الغير، في الوقت الذي ينهى عن المعروف ويأمر بالمنكر، ولا يجوز لأي مقاومة تحت ستار أنها مقاومة أن يتسلل من تحت عباءتها الكثير من الآفات والموبقات، فما زالت السلطة السياسية بسبب تعاطيها مع موضوع الحصار، وموضوع الوحدة الوطنية وتغليبها للأمور الإستراتيجية على الأمور الحياتية، وعدم التوفيق بين الجانب السياسي والجانب الحياتي تسمح للشتاء أن يدخل على الناس في ظل عدم صلاح البيوت في البرد الأمر الذي سيكون ويل على ساكنيها، فكثير من المواطنين ما زالوا في العراء بسبب التدمير الذي أحدثته إسرائيل في عدوانها الأخير على غزة، وهذا ليس شان البيوت في غزه فحسب فالحصار العسكري والفكري جعل أوراق أوراق الحمضيات شاحبة رغم أنها كانت دائمة الاخضرار في السابق فزيادة الظلام تخفف من نسبه الأوكسجين الذي تحتاجه النباتات لتقوم بالتمثيل الكلورفيلي، فالأزهار لم تعد محمودة، وإذا كان هذا شان النبات فكيف شان البشر الذي نضع على أفكارهم حراس ونلبسهم خوذات رغم ما يتم من حديث عن انتصارات المقاومة، فهو فوز يحتاج الى براهيم_ (براهين)، ونشير إلى حالة الصيادين فلا يحمد الصيادين بحرا ضاق فيهم واتسعت برك المجاري.
أما عن تسييس العلاقة بين العبد وربه فطاعة الرب تأتي بعد طاعة العبد، ولا يجوز استخدام اسم الرب لترويض الناس واستغلال جوعهم وبردهم وحياتهم القاسية من اجل طاعة العبد، وان توزيع الحلويات على كل بيت كنشاط واسع الانتشار من اجل استعاده العلاقة مع الجمهور والاتصال بالشعب على نطاق واسع عبر كيلو من الحلويات قد يقول البعض عنه اللي منهم أحسن منهم، ويكون البعض الآخر مرحبا بالفعل، ويكون البعض رافضا ذلك شكلا ومضمونا، فالحلويات لن تمحو ما يتذوقه الناس من مرارة يومية في ظل الحصار المفروض من الداخل والخارج، ولن يمحو من ذاكره الناس الدمار الذي تم على يد اسرائيل، والدم الذي سفك في الاقتتال الداخلي رغم وجود شعارات وطنيه سليمة باتجاه مقاومة الاحتلال والصمود في وجهه، ولكن لا يكفي باسم الأب والابن والقدس ألا يحيا الناس بحرية وكرامة، فما هو الوطن الذي نريد إن لم نجد فيه مأكل ومشرب ولباس، وأين يكون الوطن عندما يحول الفقر الناس إلى أذلاء في طوابير الكوبونات ويحولهم الى متسولين.
فلنعيد الى المواطنين كرامتهم ولنعيد الى الوطن كرامته، وذلك لا يتم فقط بالجغرافيا ولا بالقيد والحرية دائما منقوصة في داخل اي سجن، ولنعمل على فك الحصار والعمل على المصالحة والاتفاق الوطني وتخفيف القيد على حرية التعبير والسلوك الفردي، أم أننا فيما لو فتحت الحدود سنكون أمام عملية هروب جماعي ورحيل بعد ان ضاق الوطن بأصحابه، فلن نستطيع لا في العيد ولا في أيام الشتاء ان نطعم الناس شعارات.
ان الانتشار والاتساع في نشاط حركه حماس عبر المفاوضات لإطلاق سراح الأسرى ونشاطها في إيجاد توافق لوقف إطلاق الصورايخ من اجل إيجاد حاله من الهدوء والاستقرار نطالب به بمناسبة العيد وفي كل يوم، فليس يوم العيد هو اليوم الوحيد الذي تسرق فيه الابتسامة من وجوه الأطفال الكالحة ومن عيونهم البريئة، وعلى حماس أن تزاوج ما بين الشعارات السياسية وما بين متطلبات المواطن اليومية وحدها الأدنى العيش بكرامة، فلسنا في شعب أبي طالب ننتظر الدودة أن تأكل ورقة المقاطعة، وتبقى كلمه اللهم حمدك نحن كفلسطينيين سواء كنا حماس او سلطة او فتح او يسار او منظمة التحرير إذا وجدنا الإرادة الوطنية السليمة والشريفة ان نحافظ على المبادئ والعقائد من جهة ونصون كرامة الإنسان ،ففي نفس الوقت الذي ينساق فيه البعض في رام الله ويضحي بالآمال العريضة والتاريخية ولاستراتيجيه للشعب بمكاسب آنية لا نريد لسلطه حماس ان تتحدث عن شعارات استراتيجيه في وقت لا تهتم إن تكون من المرونة بمكان وترفع الحصار العسكري والفكري عن سكان القطاع إلا إذا كان هناك من يستفيد من هذا الحصار.

السبت، 21 نوفمبر 2009

النعجة دوللي وعلاقة غزل مع كلب الحراسة‎

يرخي الليل سدوله، وتنام عيون الظلام وتغفو على عينين يقظتين في شوارع ممتدة بامتداد الزمن وتقلب الليل وتعاقب النهار منذ الأبد، ويكون الظلام ستائر لغرف تستيقظ فيها عروق من الشهوة والرغبة، وتفتح النوافذ أوصدتها تنهم من الحياة شوق متعب وربما متهالك بروتين متكرر وليس متجدد، وان كان البعض يرغب ألا يكون حياديا تجاه نفسه ولا تجاه حركة العشق، فتتولد في صمت وبدون رياء وفي رحم الأحداث ولادات عفوية غير مقصودة إنما هي الانجذاب بحكم الطبيعة للتوالد والتكاثر.
وتحمل امرأة في رحمها الوطني شيئا أشبه باليسار، ويدور الزمن ويدور وكأنها حركه دوران الأرض حول نفسها، ويعقبها يوما آخر وليل آخر، وتتكرر الأيام والليالي ويكون لنا يسار يتحرك ويدور كما تغني فيروز يا داره دوري فينا وظلي دوري فينا تننسى اسامينا وينسوا اساميهم.
ويسأل المحقق بوجه يخلو من التعبير ما اسمك، ويرفض إعطاءه الاسم من كثرة ما دارت به الأيام، ويكون يوما آخر وتنبت من الأجنة صناعة اليسار في مزارع يملكها اليمين، وينتزع من رحم امرأة لا تحمل أجنة، ويضعها في مختبرات الفعل الوطني لعلها تكون أجنة قابلة للتكاثر الصناعي، ولا يكون شهداء جدد ولا يكون ثمنا باهظا من أرواح البشر.
فالإنسان اغلي قيمة وأعلى مرتبة من أن يكون ضحية، والقيمة الوحيدة التي نعتز بها، وتستمر فيروز بالغناء والدار تدور فينا وننسى اسامينا، فربما يصبح لنا اسم جديد النعجة دوللي من مستحضرات اليمين ويتم تدليلها، ويسعى اليمن أن يكون لها أجنحة ليس لترعي فحسب وإنما لتطير، وكما استمعنا لفيروز حتى نسينا اسامينا نستعين من خليل جبران أجنحة متكسرة لنجمع فيها أطراف الوطن من مهجر وشتات ولاجئين ولا ندفع عربونا لحق العودة.
ونحن أكثر بعدا عن مدن يافا وحيفا نسبح في البحر، ونستعير من الشعر ومن إيليا ابو ماضي رسائل وأسئلة للبحر، فيكون الوطن فينا نحمله يسافر فينا ونسافر فيه، ولكننا ننسى جواز السفر ونلحده ايضا في قبر محمود درويش فلم يعد لون أوراق الشجر اخضر، ولم يعد الليمون حامض إنما هي منتجات وصناعة بأيدي الطرف الأخر، ونشتغل لديه حراس ونحيط أنفسنا بسياج، ونودع النعجة دوللي لدي كلب الحراسة ونطعمها عشبا من البلاستيك.
نطالبها أن تكون وفية وأمينة لفكرة الدولة دائمة الحدود والقابلة للحياة، وان كان من تنسيق امني فهو بهدف عدم سرقه الجينات المزروعة في اليسار بعد أن فقد نموه الطبيعي، وسقط بسقوط جدار برلين، وتستمر الأغاني ويستمر التحقيق ويسأل المحقق عن الاسم الذي نسينا مع أغاني فيروز ودورة الأيام، فالاحتلال تجاوز الستين عاما وما زالت الأرض تدور وما زال الوطن فينا مسلوب وكانت الإجابة للمحقق الذي لا يعرف مع من يعمل أنا فلسطيني.
ويكون التحقيق بلا غاية او هدف فربما اختلطت المفاهيم كما في فيلم "خلطبيطه"، واشترك المتهم بالتحقيق وأشرك المحقق بأعمال المتهم، فمن منهم الوطن ومن منهم فلسطين ومن منهم النعجة ومن منهم الذئب، وبتنا في عصر العولمة وتنامي قوه إسرائيل نعرف من هو صاحب القطيع، ولا نعرف كيف يكون الوطن ليلا وكيف يكون الوطن نهارا، وهل يكون لليل والشارع والشجر والموج والبحر والأسماك روايات تذكرها لنا عن فلسطين، أم نعود إلى المختبر لإنتاج مناضلين مصنوعين في مختبر بأوصاف محددة سلفا وتفقد العقيدة مكانها، ونستعين بسلمة بن دينار الذي يسأله الخليفة عبد الملك بن مروان:من هو الأحمق فيجيب هو من يبيع آخرته من اجل دنيا غيره. ونحن هل نحن ثوار كتبة أم تجار أوطان، وأين يكون الوطن وما هي رائحته وأين يقطن، ربما في بيت ايل او القسطل او دير ياسين او في ايرز او عصيون، هل هو حاجز أمني أم دعم الرباعية بالخوذات والهراوات لأفراد الشعب الفلسطيني بدلا من الغذاء والدواء.
ربما يكون الوطن يشعر بالعطش أو ربما ينام بدون عشاء، فالوطن في ثنياته وقبل كل شيء هو الإنسان وليس الجغرافيا أو المكان، وفي غمره الاختلاط ومن شدة ما اختلطت الأمور تجد النعجة دوللي نفسها في لحظة عشق مع كلب الحراسة، وتستغرق فيه تتأمله للحصول على بعض ما يقدم له، وكل ذلك داخل السياج لأنه حماية لها فربما يتسلل بعض الإرهابيين إلى المكان، وربما يهتف فيها بعض الناس عاش الوطن، وربما تضيع منها العقائد ويختلط ماركس بدم احمد ياسين ويرى بعض الشيوعيين اليوم أنهم شيعة، وان معاوية ليس أحق من علي بالخلافة، او يكون اليمن ليس أحق من الأصوليين بالخلافة، ولا تعرف دوللي مع من تكون ولكن يجمعها مع كلب الحراسة ومنتجات المختبر والحديقة تاريخ وماضي مشترك، فحركة حماس حتى الآن لا تعتبر جزءا من منظمه التحرير ولكنها قد تكون، فأين تذهب دوللي بعد ذلك لو لم ينتبه كلب الحراسة لنظرات الهيام في عينيها، لعله مشغول بمرور الزمن ومشغول ان كان السياج يضيق ومشغول بحماية من هم خارج السياج من الإرهابيين ولكن أين الوطن.
يطرق علينا الوطن الأبواب ولا نفتح فيتسلل إلى أحلامنا يريد منا اليقظة فنبقيه خارجا خوف أن نتهم بالإرهاب، يشعر الوطن بالوحدة ويأكل الضجر والبرد من جنباته ويضيق على نفسه ولكنه يستمر في طرق الأبواب يداهم خلوتنا البيتية ويطرق على نوافذنا وأبوابنا بيتا بيتا، ويريد أن يستعيد فينا الألم والفرح ويرسم في عقولنا بيارات من البرتقال وشكل الجبال والوديان، ويعلمنا زراعة القمح والزيتون، فهل نتركه وحده في الخارج خلف الباب كما السماء والطارق.

الخميس، 19 نوفمبر 2009

يهوذا الاسخريوطي يطالب بالتعويض


ساءت أوضاع البشر وتردت ظروف حياتهم وتراجعت القيم، وحل محل الجماعية وروح الرفاقية روح الأنا والذاتية، لدرجة أنه لم يعد هناك شيء اسمه الخير فالكل يسعى لمصلحته وضاعت الوطنية في ظلامية نفوس البشر، وكأنهم جيش مهزوم يقتات على بقايا الجثث وتم نهش اللحوم وزادت الغيبة والتأويل، وانتشر الفساد وأصبح للرشوة مرتبة، وتقدم الصفوف مهزومين كثر وحملوا الرايات وهتفوا يحيا الوطن وكانهم يطبقون قول الشهيد ابو علي اياد اذا رأيت الشجاع يجبن والجبان يتقدم فقل ان في الامر خيانة.وأصبحت الخيانة والغدر والروح الفردية بضاعة رائجة، وزافت الكرامة ووضعت الشهامة على الرفوف، وأغلقت المخازن على الكرامة وأصبح تجار الأخلاق كثيرون وكما يقول مظفر النواب فيهوذا يكمن في بعض الناس برغم دلالات الخير، ويهوذا نفسه تقلب به قبره واستعان بعلم الفيزياء ليسافر عبر الزمن ليحضر فينا ومعنا مرحلة الانحطاط الحاصل، وجاء كرجل جميل القسمات بهي الطلعة متناسق الخطوات واثق مما يقوله من كلمات، ولبس من الثياب أجمل البدلات وفصلها لدى امهر الخياطين واشهر دور الأزياء وعقد مؤتمرا صحفيا في قاعة احد الفنادق الفخمة، وأعلن انه سوف يرفع دعوه يطالب فيها بالتعويض لكثرة استخدام صفته وانتحال شخصيته المتكرر في التصرف لدى العديدين، مما يفقده صفته وروحه الفرديه التى أراد له الرب ان تنحصر فيه بعد خيانته للمسيح وغدره به، فكما يسوع رمزا للمحبه والسلام فهو تجسيد للغدر والخيانة، ووجود العديدين في مرحلة الانحطاط يستخدمون طريقة تصرفه أمر يتطلب منه ان يطالب بإعادة صفته إليه أو اعتبارها ماركة مسجلة وعليها دمغة، وكل من يستعملها يتوجب عليه ان يدفع له بعض مما يكسبه من خيانته ولكنه اردف قائلا يبدو ان من جاء من بعدي لم يقرأ إنجيل لوقا الذي يقول فيه" ما ينفعك ان تكسب الدنيا وما فيها وتخسر نفسك" وأنا أرى أن منكم كثيرين قد خسروا انفسهم ولم يكسبوا شيء يذكر، فأنا على الأقل من خيانتي ليسوع ذكرني التاريخ وانتم ربما لا يتذكركم بعد رحيلكم حتى أولادكم.

أزمة مفاوضات أم أزمة قضية وطنية

يكثر الحديث بالايام الأخيرة عن إعلان الدولة من طرف واحد، أو عرض مشروع إعلان الدولة والاعتراف بحدودها أمام مجلس الأمن، وسط رفض وتهديد إسرائيلي مدعوم أمريكيا برفض الفكرة من أساسها، وعدم ترحيب من دول الاتحاد الأوربي بذلك.
لا نريد في هذا المقال تناول الموضوع من الجانب الدبلوماسي وإنما نريد أن نتناول جوهره من الناحية السياسة، على اعتبار أن إقامة وطن للفلسطينيين وحقهم في الدولة وتقرير مصيرهم يعتبر جوهر القضيه الفلسطينيه وهو قضية صراعية وليس قضيه دبلوماسية.
ولتوضيح ذلك نكتب الأفكار التالية لاستشراف الموضوع وتحديد جوانبه المختلفة
إن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي في اساسه هو إقامة الدولة، وكانت التعبيرات المختلفة من قرارات دولية ومن محطات تفاوضية أمور تتم من اجل هذا السياق، للوصول بالنهاية إلى موضوع ليس إعلان الدولة أو إعلان وثيقة الاستقلال أو استصدار قرارات جديدة تؤكد على الحق الفلسطيني سواء من مجلس الامن او من الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو غيرها من المحافل الدولية أو العربية أو الفلسطينية،
وان كانت فكرة الدولة تأتي كتتويج لحركة المقاومة الفلسطينية والثورة الفلسطينية على امتداد الصراع وانجازا من منجزات الكفاح الشعبي والرسمي.
ولكن حقيقة الأمر وجوهره أن الأمور لم تكن تتويجا لنضال ولا انتزاعا تم في مرحلة حاسمة من مراحل الصراع، إن الذي تم من مرحلة مدريد وما أعقبها من أوسلو وكافه المحطات التفاوضية أن المفاوض الفلسطيني قد اختار المفاوضات كبديل او وسيلة وحيدة للوصول إلى الحقوق، وذلك كجزء من قراءة التوازن الدولي ومرحلة العولمة، وان كان هناك عجز في ميزان القوى لصالح الاعداء مما يؤدي ان تكون القراءة السياسية والنتائج على الارض تتناسب مع ميزان القوى الحاصل، وما حصل عليه المفاوض الفلسطيني أنه استبدل القضية الفلسطينية بمصالح نخبة من المسئولين، فما نتج عن المرحلية وتجزئة القضية الفلسطينية لمحطات مؤقتة ودائمة أوجد هياكل مفرغة من محتواها الوطني، تقوم بدور مكمل وظيفي للاحتلال في اداره الشؤون المحلية للفلسطينيين دون الحصول على حق تقرير المصير وحتى اقل من حكم ذاتي، وهذا يعتبر الانتهازية السياسية بعينها، فما هي الانتهازية السياسية إن لم تكن التضحية بالأهداف النهائية للحركة مقابل مطالب يومية وآنية ومؤقتة.
كما وأن تضخم المؤسسة الوظيفية التي تقتات على ما يقدم لها من الدول المانحة وما تسمح به لها اسرائيل منعها من إمكانية الرجوع للوراء، وأسقط خيار المقاومة وأزيل عن إسرائيل صفة الدولة المحتلة، وعن الشعب الفلسطيني صفه الشعب المقاوم والمحتل، وأصبحت مقاومته غير مشروعة من وجهه النظر العامة والاسرائلية، وأيضا من وجهه نظر السلطة الفلسطينية حيث اعتبرت بشكل أو آخر ممثل للشعب وسوف تحصل على حقوقها من خلال المفاوضات.
وما عادت قادرة أن تتصرف مع الاسرائليين كدولة محتلة، فلدينا إعلان استقلال ولدينا ادراة لحركة المرور والتعليم والصحة، وبعض الأمور الشبيهة إضافة للتنسيق الأمني، فالجهة التي حققت اتفاقيات أوسلو وما أعقبها من محطات باتت وفق القضم الإسرائيلي المتواصل لبقية أراضي الضفة الغربية، وتعنتها في إعطاء الفلسطينيين دولة كاملة السيادة، فالسلطة غير قادرة على السير للأمام ولا تستطيع تحقيق انجازات، وفي نفس الوقت فاقدة للخيارات الأخرى حتى لو صرح صائب عريقات انه يمكن الرجوع لخيار النضال.
إن خيار النضال أصلا قائم موضوعيا ولم يتم اسقاطه فهو خيار موضوعي يستدعيه الواقع الموضوعي، وهو يأتي نتيجة الاستمرار الفعلي لوجود الاحتلال وليس قرار او شيء نخرجه من جارور ونلوح به، وكأننا سوف نضيف الى الوزرات وزارة جديدة بدون ميزانية كبقية الوزارات ونطلق عليها وزارة الدفاع ونسلمها للشعب بانتظار ان تحقق هذه الوزارة لبقية الوزارات الاستقلال والحصول على الدولة.
ليس النضال أمرا منوطا بشروط المفاوضات ولا خيارا خاضعا للتفاوض، فهو خيار شعبي وطني قائم ودائم ما دام الاستقلال مجزوء، والاحتلال جاثم والثورة الوطنية لم تنجز مهماتها بعد.
ولترسيم الخيارات المتاحة نستطيع القول أن السلطة الفلسطينية ليس أمامها سوى خيار وحيد وهو الاستمرار في التعامل مع الاحتلال والرباعية وأمريكا والدول الغربية من اجل تحسين وضعها المطلبي المعاشي فهي طفيلي مرتبط بالدول المانحة ومساحة حركته تحددها الاتفاقيات الموقعة، ويكون واهما من يتخيل او يتوقع ان يكون لدى السلطة مقومات البقاء او الاستمرار في ظل خيار ان تحل نفسها وتسلم القياده للشعب، فليس مسموحا لها ولا تكوينها ولا بنيتها الوظيفيه في وضع يتيح لها أن تتصرف كمقاومة.
والحديث عن خيار المقاومة صحيح وحقيقي، ولكن بدون السلطة وليس معها
فالسلطة عبر تمثيلها الرسمي وتحدثها باسم الشعب الفلسطيني أفرغت المقاومة من محتواها، وسحبت البساط من تحت الشعب وان سمحت له في بعض الأحيان التصارع مع الاحتلال وذلك لأهداف مطلبية من اجل تحسين شروط التفاوض، وليس من اجل تحسين شروط الصراع الجوهرية، وفرض أمر واقع على الاحتلال يكون فيه ثمن بقائه كمحتل أعلى من ثمن الفائدة، وما يحصل الآن هو أن السلطة تقوم بما كان يتوجب على الاحتلال ان يقوم به أملا منها أن تحصل على دولة،وربما تكون الخيارات المطروحة ليس أمام السلطة إنما أمام الفصائل أن تعود إلى قواعدها، وتعيد انتخاب قياداتها وان تتشكل بطريقة كفاحية في مواجهة الاحتلال، وان تستعيد بناء منظمة التحرير الفلسطينية، على أن تشمل كافة القوى الفلسطينية وان تعتبر السلطة شرعية أو غير شرعية بمقدار ما يقرره الشعب والفصائل، وليس بما تمثله السلطة من أداة وظيفية تقوم بغطاء على الاحتلال بقصد او بدون،
وإعادة الفاعلية التدريجية للفصائل ولمنظمه التحرير ربما يكون هو الحل الاقرب للمنطق والوقائع، فالفصائل ما زالت وطنية وما زالت قادرة أن تولد من رحم الشعب قوى كفاحية، وهذه القوى الكفاحية تقيد حركة السلطة وتقرر حدود حركتها وليس العكس.
وتكون مهمة السلطة محصورة في الحديث بالأمور المطلبية والحياتية، لأنها محدودة فقط في الضفة الغربية وقطاع غزة، في حين ان فصائل الفعل الوطني والشعب الفلسطيني متواجد في أماكن بعيدة وقريبة مثل الدول المجاورة ودول المهجر.
كما أن البنية الاقتصادية للسلطة الفلسطينية وشروط وجودها السياسية لا تسمح لها ان تكون مستقلة، وأي قرار بان تحل نفسها سوف يجفف وجودها ويعطي مشروعية للاحتلال أن يفرض نفسه بشكل مباشر، مع احتمال ان تتراجع المنجزات الدبلوماسية الشكلية إلى الوراء.
فالأزمة الحقيقية هي أزمة في القضية الفلسطينية التي انتقلت قيادتها او بعض منها لدور السلطة دون تحقيق أهداف المقاومة، واستبدلت الوطن الموحد المستقل وتقرير المصير بدور وظيفي من تعليم وصحة وأمن بدل الدولة القابلة للاستمرار والحياة، دون التطرق لاساسيات وجوهر القضية الفلسطينية من قدس وحق عودة وحدود بينها تواصل جغرافي، حيث أننا نحتاج لدولة قادرة على أن تكون وطنية وتنجز مهام التحرر الوطني والبناء الديمقراطي وليس دولة إجراءات أمور مطلبية، فكل ثورة وكل مقاومة في جوهرها هي ليس رفض للوجود العسكري بشكله المباشر فقط، وإنما هي أيضا مقاومة لكافة أشكال مصادرة الحرية والإفساد والفساد والرشوة وسحق حقوق الإنسان، فنحن بحاجة لدولة لا تعطينا فقط أراضي وحدود، وإنما وطن مستقل يكون لنا فيه كرامة وقدره على التطور والنمو والمساهمة في دفع عجلة التقدم الإنساني إلى الأمام، وليس جغرافية مقطعة الأوصال وتاريخ يكتب بما يتلاءم مع الصهيوني، فحريتنا تأتي من خلال استعادتنا لهويتنا الوطنية والقومية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها ومن المستبعد أن يتم ذلك بقرار من مجلس الأمن.

الأربعاء، 18 نوفمبر 2009

القضية الفلسطينية:علاج متأخر لأزمة دائمة

تأزمت تجربة المفاوضات مع اسرائيل بشكل متفاقم يهدد طريقة فهم ما يتوجب فعله وما يجب عرضه وطرحه وعمله من برامج بالخطر.
فالمفاوضات لم تسر أية خطوة إلى الأمام والجانب الفلسطيني يراوح مكانه، وإسرائيل تستمر بتمددها الاستيطاني السرطاني دون رادع وخلو ايدي السلطه الفلسطينيه من أي شيء تستطيع عمله سوى التلويح بعرض القضيه الفلسطينيه مجددا على مجلس الأمن الذي سأم الشعب الفلسطيني من انحياز أعضائه الدائمين لإسرائيل.
إضافة إلى كون العالم في ظل العولمة يكيل بمكيالين، وضياع أمال تحقيق الدولة ذات السيادة والحدود الدائمة والقابلة للحياة وسط العديد من الاجندات ومشاريع الاقتراح والرؤى السياسية المقترحة من الاتحاد الاوروبي او الفلسطينين او الرباعية أومن منظمه المؤتمر الإسلامي.
إن تحويل القضية الفلسطينية لموضوع في الأروقة الدولية، وحصرها في مجال الصيغ القانونية وصيغ حقوق الانسان على اهميتها ليس كافيا وحده لإيجاد دولة أو دويلة فلسطينية، فالصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي تجاوز الستين عاما ما زال فيه ميزان القوى يميل لمصلحة الغرب وحليفته إسرائيل، ولكي نستيقظ بعض الشيء من حلم الدولة القادمة من الأروقة الدولية ومن عدالة القضية، علينا أن نقترح بعض العلاجات لربما تساعد في فهم الوضع الراهن من جهة، وتعيد صياغته بما يتناسب مع الوقائع من جهة أخرى، لكي نرى المستقبل بقدر من الوضوح وفي حدود قراءة الوقائع الموضوعية، وليس وفق ما نرسمه من خيالات واوهام واحلام ذاتية.
فقبل كل شيء يجدر التأكيد على حقيقة لم يعد ذكرها يضيف شيء، وان كان البعض يتجاهلها ويتصرف في سلوكه السياسي دون اخذها بعين الاعتبار ألا وهي أن إسرائيل كانت وما زالت منتوجا استعماريا، وامتداد للامبريالية العالمية والقوى الغربية المهيمنة والتي لها اطماع في المنطقة العربية، وأن الدعم الأوروبي والأمريكي لإسرائيل ليس ردة فعل على ما يسمى بالمحرقة، وإنما هو علاقة إستراتيجية بين الدولة المصنوعة وصانعها وأي حوار مع دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحده هو حوار مع عدو لا يتصف بالحيادية، وإنما بالانحياز والكيل بمكيالين وهو امر بات مفهوما ولا يجوز ان يقفز من ذهن المفاوض الفلسطيني في أي وقت من الأوقات.
الأمر الآخر هو خروج السلطة الفلسطينية من أزمة المفاوضات، ولن يتم ذلك من خلال التراجع عن فكرة التفاوض نفسها، وحتى لو أرادت ذلك فلن تستطيع لان أيديها مكبلة ومغلولة في طبيعتها الوظيفية كونها أداة تستمد قوتها من الدول الأوروبية وأمريكا وبعض حلفائها العرب، وإنما عليها أن تخرج من أزمة التفاوض بان تتصرف باعتبارها سلطة تمارس شانا ذاتيا اداريا يمس سكان الضفة الغربية المقطعة الأوصال بإذن إسرائيلي، وان تعيد للفصائل صفتها الوطنية ودورها المستقل والمرادف لوجود السلطة بعيدا عن ادعاء التمثيل للشعب الفلسطيني.
يترافق ذلك مع استكمال مشاريع التوحيد بين شطري الوطن باي ثمن كان، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وتطبيق القرارات المتعلقة بإجراء انتخابات في شطري الوطن ودول الطوق والمهجر وفي كافة أماكن تواجد الشعب الفلسطيني، واعتبار منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وإبراز دورها على حساب السلطة التي لن ينتج عنها دولة بالمضامين التي رفعتها حركه التحرر الوطني الفلسطيني، لكونها بهيكلها وبنيتها وطبيعتها الوظيفية مصبوغة بطريقه تفتقد للاستقلالية الوطنية، وجاءت بظروف استطاع الاعداء ترك بصمتهم على بنيتها وتركيبها.
مع أهمية الفصل بين المكون الرئيسي للسلطة وهو حركه فتح وبين السلطة، وإيجاد مساحة بينهما وإعادة الاعتبار لحركة فتح كرائدة للنضال الوطني وقائدة له بعيدا عن السلطة ودورها الحياتي والمطلبي واليومي، فالسلطة بوضعها الحالي ربما تفرج عن اسير وتحصل بعض الضرائب، وتطالب بإزالة حاجز أو عقد مؤتمر، وكلها أمور إجرائية لا تتم بدون موافقة إسرائيل، وبالتالي يجب ان لا نوهم النفس بان سلطة كهذه بظروفها الحالية قادرة على الحصول على دولة رغم عطف الدول الغربية التي لا تبخل بالمنح والدعم المالي، الذي في جوهره مال لدعم ربيبتهم إسرائيل لأنه مشروط بان يكون للسلطة سلوك أمني وسياسي محدد لا يتعارض مع امن اسرائيل وحمايتها.
أما اليسار الفلسطيني فمطالب أكثر من أي وقت مضى بأن يقوم بعقد مؤتمراته، وإعادة تكوين نفسه بطريقة ديمقراطية وان يستعيد دوره التوفيقي والفاعل بين القطبين الرئيسين الاسلامي والوطني، وان يكون قادرا على اعاده التوازن الى القرار الوطني ويضمن وحدة الصف الفلسطيني بعيدا عن التشقق والانشقاق، وإعادة الروح المقاومة لفصائل الفعل الوطني والترويج لثقافة النضال بكافة أشكاله خاصة بعد أن تم مصادره هذا الوعي او تلويثه وتسميمه بعد اوهام اوسلو وإقامة بعض هياكل السلطة والتصرف كان السلطة قادرة بطريق المفاوضات الحصول على وطن حر للفلسطينيين.
يجب إزالة الغث من السمين وزياده الوعي والتحريض والتخلص من إشكالية أن السلطة مقاومة أو بديل عنها وقتما تشاء، أو أنها سلطة في مواجهة المقاومة متى تشاء وأنها الطرف الوحيد الذي يستطيع ان يرى اين هي مصالح الشعب الفلسطيني، وبتفسير بسيط نستطيع القول انه رغم الرواتب المرتفعة والوظائف العديدة والمتضخمة التي لدي السلطة، فهذا لا يعطيها الحق بان تستمر بالادعاء انها قادرة عن طريق المفاوضات ان تحصل على الاستقلال، خاصة وان مصدر هذه الرواتب بمعظمه من الدول المانحة التي نعرف انها دول لها مصالح سياسية ولا تقدم شيء مجانا لدرجة قد يرى البعض أننا مجرد موظفين للغير في وطننا.
وثمة ضرورة لمنظمة التحرير الموحدة والمحدثة والمعاد انتخابها ان تكون مستقلة ماليا بشكل أساسي عن السلطة، كما على كل فصيل منفردا أن يكون مستقلا من الناحيه المالية عن السلطة وخاصة حركه فتح، لتكون قواها وقواعدها وقادتها الوطنين غير المنخرطين في السلطة قوى فاعلة ورائدة في قياده التحرر الوطني، وانجاز مهماته حتى لو تعارضت بشكل عميق مع السلطة التي في ظل استعاده منظمه التحرير لدورها قد تتكشف صورتها، وتصبح لا تعدو كونها مشروع إدارة محلية يجب تجاوزها، وفرض حلول اكثر وطنية تنبع من الشعب كأداة خلاقة قادرة على الإبداع والعطاء المتواصلين ما دام من يعبر عنها ما زال في مواقع الفعل الوطني.

الأحد، 15 نوفمبر 2009

كأس من الشاي وسيارات كثيرة


ضج المحيط بأبواق سيارات كثيرة وحركة وصخب شديدين، أحيط المنزل من كل جوانبه بسيارات حديثه وجميله من مختلف الألوان والأحجام،وترافق ذلك مع قرع متواصل على الباب.
وفي اللحظة التي فتح فيها المواطن باب بيته التقفه اللواء فلان وأخذه بالأحضان معربا عن اشتياقه الشديد لصديقه القديم، ورغبته ان يخرج من أجواء العمل والطابع الرسمي، وأن يشرب وإياه كاس من الشاي بالميرميه كما الأيام الخوالي.
ووسط انفعال المواطن واندهاشه لكثرة السيارات وعناق اللواء الحار والدافئ، أوصي أهل البيت على كاس من الشاي، مترافقا مع ترحيب شديد بالقادم الضيف الصديق والمناضل من مرحلة الانتفاضة الأولى.
ولكن لم يكن بالبيت ميرميه فحصلوا عليها من بيت الجيران، وتم ذلك بمشقة وصعوبة بسبب كثرة المرافقين اللذين يرغبون بالتدقيق في كل حركة، وكل شاردة ووارده يفحصوها حرصا على سلامه الوطن وسلامه اللواء.
وجرى بين المواطن واللواء الكثير من الأسئلة والحوار لا يتسع المجال لذكرها كلها فلديهم شوق قديم متأصل وذكريات مشتركة عديدة، ولكن المواطن أثاره سؤال كيف أصبحت لواء بهذه السرعة؟ فأجاب اللواء وابتسامة عريضة تغطي وجهه: نحن ثورة وأصبحنا دوله بفعل الواقعية السياسية، ونحن دائما أمناء للتاريخ وقافلة الشهداء، حيث نحصل على رتبهم بعد استشهادهم وفاءا منا لهم ولذكراهم العطرة فنحن امتداد لكل الشهداء ابتداء من عز الدين القسام، وعبد القادر الحسيني مرورا بابي علي إياد وسعد صايل وأبو جهاد وكل قوافل الشهداء.
ولو ذكرنا معاركهم وما هي الرتب التي سوف يحصلون عليها لأصبح كل منا جنرال كما لقب أبو عمار أطفال الحجارة، وحصولي على رتبه اللواء ليس أكثر من وفاء لدماء الشهداء وميراث للمسيرة وتواصل في نقل الرسالة.
فرد المواطن الصديق: ولكن الجنرال جياب في فيتنام لم يحصل على رتبه جنرال إلا بعد معركة بيان ديان فو.
رد اللواء باستياء: لا تذكر الأنظمة الشمولية أمامي أنت شاهدت كيف أن المارشال اوستينوف رغم انه لديه خمسه ملاين جندي انهار نظامه مثل كومه من الرماد
نحن دولة وثورة ديمقراطية في واحة من البنادق.
رد المواطن: أخشى أنها واحة من الفنادق.
ضحك اللواء وقال: أين الشاي؟
رد المواطن: تأخرنا بإحضاره من عند الجيران بسبب الحراسة حول المنزل.
فرد اللواء: لا باس المواطن غير مرتاح والقائد غير مرتاح الكل بدو تصريح لقد انتظرنا رغم "الفي اي بي" على الحواجز حتى وصلنا إلى بيتك، وعلينا أن ندفع كمسئولين ضريبة المسؤولية، ونحن نعاني كثيرا ولكن بعض المواطنين لا يدرك ذلك.
يسكب الشاي ويرتشف منه القليل وهو ينظر في أرجاء المنزل وكمن تذكر شئ هام: مبروك الخزانة التي اشتريتموها بالأمس.
رد المواطن: يبارك فيك ولكن كيف عرفت بذلك؟
اللواء: عملنا أن نعرف كل شيء.
فرد المواطن: وهل تعرف أيضا أن ابني لم يحصل على منحه بالرغم من معدله العالي في التوجيهي.
اللواء: لا نعرف ولكن أنصحك أن تتقدم بطلب تفريغ له على أجهزه السلطة وسوف أساعدك في أن يحصل على تفريغ، فالبطالة عندنا نوعين نوع لا يعمل ولا يحصل على راتب، ونوع لا يعمل ويحصل على راتب، وانتم أسرة مناضلة ومن حقكم التفريغ على بعض الأجهزة.
رد المواطن: شكرا حيث ألاحظ أن الدول المانحة تهتم بتوفير الإعانة للشعب بين الفترة والأخرى، فكثير من الدول تقوم بالتبرع لكم بسيارات شرطة وسيارات أمن جديدة، إضافة إلى الدورات وما شابه ذلك.
أجاب اللواء: نعم الدول الغربية وأمريكا وإسرائيل تهتم أن يتم ترسيخ مظاهر السيادة وضبط القانون واعتقال الخارجين عن القانون، والسيادة ليست بالعلم والشعار الوطني فحسب، أيضا لها مظاهر عديدة مثل الصفر الدولي والإفراج عن بعض الترددات للشركة الوطنية للاتصالات.
رد المواطن: رحم الله أبو عمار كان دائما يقول حلمي ان أرى الدولة الفلسطينية تقام على تراب فلسطين إن من حقي أن احلم .
واستدرك: ماذا بشان حلم الدولة الفلسطينية إلى أين وصل؟
رد اللواء: هو الآن حلم أكثر من أي وقت مضى.
ولكن أريد منك خدمة قبل أن اخرج ولا تنسى أن ترسل ابنك للتقدم بطلب للتفريغ
سمعنا بوجود فلان في هذا الحي وهو كما تعرف مطارد.
رد المواطن: اعرف انه مطلوب للاحتلال منذ ستة أعوام وهو ضيف عندي.
رد اللواء وهويشير للحرس بالدخول:ضيف عندك؟ ممكن أنت وهو تكونوا ضيوف عندنا بالمقر؟ فانا مديون لك بكأس من الشاي وارغب أن أرده لك في نفس اليوم.
: فتشوا غرف المنزل واحضروهما ولكن عاملوا صديقي باحترام فهو ما زال.

السبت، 14 نوفمبر 2009

مواطن يدفع الأجرة مرتين


كان سائق التاكسي العمومي يدندن بأكثر من أغنية ويحرك موجات الراديو على أكثر من محطة، وكل شيء فيه يعمل بنشاط يسمع ويغني وعينيه تلتقط الركاب وحركه المرور، وقلبه ومشاعره على جيوب الركاب.
ومن حين لآخر يسأل من منكم لم يدفع الأجرة،ويستمر بالسياقة وترديد الأغاني وشتم السائقين الآخرين.
وتظهر بين الفينة على وجهه تكشيرة، وأحيانا ابتسامة وربما أمنية أن ينزل بعض الركاب ليصعد آخرين غيرهم، ويتجاوز بسرعة سيارة أخرى، ويلتقط على حد تعبيره شيكل عن الطريق أي مواطن آخر.
ويستمر بالسير والالتفات إلى اليمين والى اليسار ويقول من منكم لم يدفع
وعلى طول الخط الطويل من لحظه الانطلاق تبدل الركاب لأكثر من مرة، وعندما كانت تخلو السيارة من الركاب يبدأ بالتذمر لان السلطة تعطي تراخيص إضافية لشراء سيارات إضافية تعمل عمومي ويقول هيا السلطة شو هامها غير الضريبة ورسوم البيرمنت بين قوسين، ويقول عدد السيارات أصبح أكثر من عدد الركاب، فيقترح عليه احد الركاب أن يستوردوا ركاب من الصين ليتناسب عدد السيارات مع عدد الركاب.
ويستمر السائق بتقليب موجات الراديو ويفتي بالأغاني الجميلة والأغاني غير الجميلة ويطلق لسانه كما يطلق عجلات السيارة وينظر شزرا إلى بعض الركاب الذي طال بقائهم ولم يتم استبدالهم براكب جديد، ويسأل أنت مطول يا اخوي أنت لوين واصل؟
ويركب وسط هذا التمازج رجل مسن هده التعب وأشقاه طول اليوم بحثا عن لقمه العيش، ويمتلئ وجهه بالغضون وملابسه بغبار الورشات ويوم العمل المضني، وعرقه قد بلل ملابسه.
يرتمي ساهم الطرف على الكرسي يريح بدنه المكدود ويكون كمن لا يرى أمامه ففكره سارح، فجسمه على المقعد ومشاعره وأفكاره لم تركب السيارة معنا بعد، يدفع أجرته بمجرد صعوده، وينجو بنفسه عن السائق والشارع والسيارات والضجيج، ويستمر السائق بشتم سائق آخر أبو اللي أعطاك رخصة، ويردد أغاني من محطة لمحطة، وينظر بالمرآة مين منكم لم يدفع؟؟ ولا يهتز لأحد من الركاب جفن، ولكن تعود بعض اليقظة إلى الرجل المسن المتعب ويحس كان هناك من يوجه له الاتهام، وينظر حوله كمن يطلب شهادة الآخرين بأنه قد دفع، يعلو صوت السائق مجددا لا تخليني أحرجك اللي ما دفع يدفع،ولا حياه لمن تنادي.
ولكن الرجل المسن يتفصد وجهه بالعرق وتبتل أطرافه ويصفر وجهه وينظر حوله متسائلا طالبا النجدة ويقول بصوت أجش مخنوق العبرات
والله العظيم دفعت وكأنه يكاد يبكي ويده تمتد إلى السائق بالا جرة مره أخرى.
يضحك السائق بطريقه فيها قدر من جنون الشارع وقدر من استهتاره ويقول أنا ما بقصدك يا عم أنا عارف انك دفعت أول ما ركبت السيارة،
يبرد العرق على وجهه المواطن المسن وترتد بعض الحمرة إلى وجهه ويعيد إلى جيبه النقود بيد مرتجفة لأنه نال البراءة من اتهام اعتقد انه موجهه إليه، ولكن السائق يصر ويقول بعد أن ركن السيارة على جانب الطريق اللي ما دفع الأجرة يدفع أنت يا أخ ليه ما تدفع، الأخ يحكي أنا رح ادفع
كنت أظنني دفعت، جل من لا يسهو أنا كل يوم بركب سيارات عمومي وكل يوم بدفع، وربما اختلطت مع زحمه السير براسي الأيام وافتكرت امبارح اليوم واليوم غدا لان كل الأيام بتشبه بعض، وهي أجرتك وفوقها بوسة بس لا تكثر حكي وكمل طريقك لاننا تأخرنا عن الوصول، فرد السائق انا رح أكمل مشوار ومادمت أنت اعتقدت انك دفعت الأجرة امبارح عن اليوم، إنا بعتقد انك امبارح وصلت بدل اليوم، مستغرب بالناس تستبدل الماضي بالحاضر وتنسى حاضرها ومستقبلها، ومن حرص الختيار على الماضي حابب يكون الماضي مكرر مرتين وكأننا بلا حاضر.

الجمعة، 13 نوفمبر 2009

مواطن يعتزل شخصيه محمود عباس

فعل المشيب فعله في رأس المواطن س .صالح واكتسى رأسه بالبياض وامتلأ وجهه بالغضون، فلقد فاجأته السنون وأحس بالتعب والكبر،وعاش في بيته لحظات انزواء وانطواء بعيد عن حركه الأحياء، متجاوزا الشكوى ويظن انه يختم باقي أيامه في البيت بعيدا عن الضوضاء ولفت الانتباه فلقد خمدت في داخله الطموحات والدوافع للحركة والانطلاق فلقد طوت مرحله أوسلو في داخله الكثير من المعطيات.
إلا أن وفاة أبو عمار المفاجئة أثرت فيه أيما تأثير، فلقد كانت مأساويه وغير متوقعه وفي ظروف اقل ما يقال فيها أنها سيئة.
وبين عشيه وضحاها وجد المواطن س.صالح صوره تملأ الجدران
والكل يهتف باسمه وكأنه محمود عباس لوجود شبه كبير بينهما، ولقد أعطت الصور وخلافة أبو مازن لأبو عمار حقنه ودفعه للسيد المواطن س. صالح أن يرتاد الحياة العامة، فمجرد دخوله وتواجده في مكان عام كان ينشر الابتسام ويثير العجب والتساؤل ويشار إليه بالبنان، وبات س صالح يرغب بشراء البدلات الجديدة، وزيارة الموئسات والأندية
والمشاركة بالأفراح والأتراح، حتى أنهم كانوا يسألونه في الأعراس ما رأيك في عمليه الزواج فيصرح أنا اعتبر الزواج عمليه حقيرة، وما رأيك بالفتيشات والألعاب النارية في الأعراس فيجيب اعتبرها فتيشات عبثيه.
ومع تقادم صوره الشبيه وتكرارها وعدم اعتبارها شيء جديد بهتت
شخصيه س صالح كما بهتت صوره الزعيم الرئيس، وما عاد احد يحفل بهما خاصة بعد انسلاخ القطاع عن الضفة، وبعد تعثر المفاوضات وعدم السير بشيء إلى الأمام.
وما عاد س صالح محط اهتمام لا الشيوخ ولا الأطفال، وأصبح يجلس في الأعراس على أطراف المقاعد دون أن يرحب به احد، ولم يتبق من شخصيته سوى الديون التي سببها له شراء البدلات الجديدة.
وكما بهتت شخصية الزعيم بهتت شخصية س صالح لدرجة بات الكثيرين يطالبونه أن يستقيل ويعتزل شخصيه الرئيس التي ما عادت تعبر لا عن ماضي أو حاضر أو مستقبل.
ولكن مشكلة س.صالح تعمقت فلم يصبح زعيما ولم يعد قادرا أن يعود مواطن.

أبو الطيب المتنبي يطلب اللجوء السياسي وأبو زهري يرفض

هرب أبو الطيب المتنبي من مصر بعد أن طالب كافور برأسه، ولم يجد سوى إمارة غزة ليعبر من خلالها إلى بلاد الشام، وعندما وصل معبر رفح لم يتمكن من الدخول لأنه لا يحمل وثائق معاصرة، ولان المعبر مغلق أصلا.
واسقط بيده بعدما فقد الأمل بالمرور، خاصة وان الأمن المصري كان مستمر في ملاحقته، فاختبأ بالعريش لبضعه أيام
واخذ يبحث إمكانية تهريبه عبر الأنفاق.
وأشار عليه بعض الضالعين بالأمور" انو ما إلك إلا أبو زهري"
لأنه متنفذ ويعرف ويعلم ويفتي ويصرح ويهرب، فطلب أبو الطيب أن يلتقي ويتصل مع أبو زهري لترتيب عمليه تهريبه عبر الأنفاق.
إلا أن شروط أبو زهري كانت أقسى مما يستطيع أبو الطيب، فأبو زهري طلب منه التزام مسبق ومعلن إما مع الوقائي وإما مع حماس، ولما كان ابو زهري وكيل للطرفين فانه قادر على ان يسهل له الأمور، هذا بالإضافة إلى الشرط المالي ، فالدفع بالأخضر خاصة وان رايتهم خضراء.
فاعتذر أبو الطيب وقال إنا لا احمل إلا الكثير من الشعر والقليل من الدراهم فهل تفي بالغرض؟؟
وأشاح ابو زهري بوجهه البشوش، وابتسامته الدائمة المعهودة وبريق عينيه اللماع عن المتنبي وقال له: ايم سوري بتدفع اخضر بتمر وانا بصرح الك أمام الامارة وامام الوقائي.
ما بتدفع بسلمك للامن المصري وبصادر أشعارك وبعتبرها كفر
هرب المتنبي وهو يسأل نفسي اعرف الزهري اسم ام صفة.

اليسار الفلسطيني والبيرة

دأب اليسار الفلسطيني على فهم وهضم النظرية الماركسية وتشرب أفكار كارل ماركس حتى نخاع العظم، لدرجه اعتقدنا في مرحله تكون الفكر النظري وصراع الأيديولوجيات أن كارل ماركس "واحد من قرايبهم".
وبعد أن هضم ا اليساريين أفكار كارل جمعوا بين النظرية والتطبيق، وانشغلوا بالمقاومة وأداتها الكفاح المسلح وأصبحوا أكثر قربا من "كارل غوستاف" صانع الكارلو.
ومن مرحلة النظرية التي ابتدأت" بكارل ماركس" إلى مرحلة الفعل الثوري باستخدام "كارل غوستاف" أصبح اليساريين أكثر قربا من الشعب.
لكن الانهيار المفاجئ لسور برلين ومنظومة الدول الاشتراكية أوقعهم في حيص بيص، وصاروا يبحثون عن كارل جديد لنجدتهم وهم يحرقون الامبريالية عبر تدخين "الامبريال" ولم يجدوا سوى بيرة "كارل سبيرغ" يشربوها من اجل إنعاش أدمغتهم بحثا عن نظريه متجددة، وكله كارل بالأخر، بانتظار إن تروح السكرة وتيجي الفكرة.

الخميس، 12 نوفمبر 2009

نوسترادموس يتنبأ بقيام الدولة الفلسطينية

ضجت وسائل الإعلام المقروءة والمرئية بنبوءة جديدة لنوستراداموس تشير إلى أن ولادة الدولة الفلسطينية باتت قريبة، وأنها ستكون دولة لها حدود وأجواء وسيطرة على باطن الأرض.
ووسط الضجيج الإعلامي المتصاعد، فضل وزراء الخارجية العرب أن يعملوا بصمت ودون كميرات كما هم دائما، وعقدوا اجتماعا أشادوا في بيانه الختامي بنبوءة نوسترادامس، وأنهم منذ وقت طويل كانوا مؤمنين أن الدولة الفلسطينية قادمة كما بشرهم من قبل الرئيس المؤمن أنور السادات بدون مقاومة، وما الدولة سوى صبر ساعة.
ولم يغفل أيضا بيان وزراء الخارجية العرب الإشارة إلى أن اللورد بلفور رجل مبروك مبارك وصاحب رؤية، وان البلفور في رؤيته للدولة العبرية كان يستشرف المستقبل حول دولتين متجاورتين.
ولم يكتف الضجيج الإعلامي بمدح شخصيه نوستراداموس بل أشار البعض إلى انه من أصول عربية، وربما يكون قد أعلن إسلامه في آخر أيامه، وأن اسمه الحقيقي نور استنا موس وهو اسم عربي أصيل.
وأعربت بعض القيادات الفلسطينية عن رغبتها أن تصبغ على نور استنا موس وسام القدس وهو ارفع وسام فلسطيني حيث أن نوسترادموس حقن الكثير من الدماء ووفر الوقت والجهد على القيادة.
فيما دعا بعض المستقلين الفلسطينيين لمهرجان جماهيري حاشد كان مدعو إليه كل من يفتح بالفنجان، ويضرب بالمندل ويقرأ الودع، للاحتفال بنبوءة نوسترادموس، وطالبوا بإقامة نصب تذكاري له يؤمه المرضى والعجز لينالوا بركته ويطلبوا منه الشفاء والدواء.
وفي وسط الصخب الإعلامي أشارت بعض الصحف الإسرائيلية أن العرب والفلسطينيين يبالغون في تفسير النبوءة، وان نور استنا موس أصله يهودي وهم خير من يعرف نبوءاته.
وان نبوءته تقتصر على أمر اقل بكثير مما يروج له العرب والأمر من وجهه نظر الصحافة الإسرائيلية يقتصر على أن الإسرائيليين سوف يسمحوا لأبي مازن بوضع صحن لاقط على سطح منزله وبذلك يسيطر على الأجواء المنزلية وان يسمحوا له بحفر بئر ماء لاحتياطات الشرب في الحد يقه.
ولم يفت الصحافة العبرية أن تشير أيضا إلى أن البيت سوف يكون له حدود دائمة لأنه سوف يحاط بجدار.
فيما صرح مسئول إسرائيلي رفض الإفصاح عن اسمه ويعتقد انه "افخاي ادرعي" قائلا: الفرق بيننا وبين العرب أننا نبني وقائع على الأرض، والعرب يبنون قصورا من أوهام، أعاننا الله على ما نبني من وقائع على الأرض وأعانهم الله على أوهامهم.