السبت، 21 نوفمبر 2009

النعجة دوللي وعلاقة غزل مع كلب الحراسة‎

يرخي الليل سدوله، وتنام عيون الظلام وتغفو على عينين يقظتين في شوارع ممتدة بامتداد الزمن وتقلب الليل وتعاقب النهار منذ الأبد، ويكون الظلام ستائر لغرف تستيقظ فيها عروق من الشهوة والرغبة، وتفتح النوافذ أوصدتها تنهم من الحياة شوق متعب وربما متهالك بروتين متكرر وليس متجدد، وان كان البعض يرغب ألا يكون حياديا تجاه نفسه ولا تجاه حركة العشق، فتتولد في صمت وبدون رياء وفي رحم الأحداث ولادات عفوية غير مقصودة إنما هي الانجذاب بحكم الطبيعة للتوالد والتكاثر.
وتحمل امرأة في رحمها الوطني شيئا أشبه باليسار، ويدور الزمن ويدور وكأنها حركه دوران الأرض حول نفسها، ويعقبها يوما آخر وليل آخر، وتتكرر الأيام والليالي ويكون لنا يسار يتحرك ويدور كما تغني فيروز يا داره دوري فينا وظلي دوري فينا تننسى اسامينا وينسوا اساميهم.
ويسأل المحقق بوجه يخلو من التعبير ما اسمك، ويرفض إعطاءه الاسم من كثرة ما دارت به الأيام، ويكون يوما آخر وتنبت من الأجنة صناعة اليسار في مزارع يملكها اليمين، وينتزع من رحم امرأة لا تحمل أجنة، ويضعها في مختبرات الفعل الوطني لعلها تكون أجنة قابلة للتكاثر الصناعي، ولا يكون شهداء جدد ولا يكون ثمنا باهظا من أرواح البشر.
فالإنسان اغلي قيمة وأعلى مرتبة من أن يكون ضحية، والقيمة الوحيدة التي نعتز بها، وتستمر فيروز بالغناء والدار تدور فينا وننسى اسامينا، فربما يصبح لنا اسم جديد النعجة دوللي من مستحضرات اليمين ويتم تدليلها، ويسعى اليمن أن يكون لها أجنحة ليس لترعي فحسب وإنما لتطير، وكما استمعنا لفيروز حتى نسينا اسامينا نستعين من خليل جبران أجنحة متكسرة لنجمع فيها أطراف الوطن من مهجر وشتات ولاجئين ولا ندفع عربونا لحق العودة.
ونحن أكثر بعدا عن مدن يافا وحيفا نسبح في البحر، ونستعير من الشعر ومن إيليا ابو ماضي رسائل وأسئلة للبحر، فيكون الوطن فينا نحمله يسافر فينا ونسافر فيه، ولكننا ننسى جواز السفر ونلحده ايضا في قبر محمود درويش فلم يعد لون أوراق الشجر اخضر، ولم يعد الليمون حامض إنما هي منتجات وصناعة بأيدي الطرف الأخر، ونشتغل لديه حراس ونحيط أنفسنا بسياج، ونودع النعجة دوللي لدي كلب الحراسة ونطعمها عشبا من البلاستيك.
نطالبها أن تكون وفية وأمينة لفكرة الدولة دائمة الحدود والقابلة للحياة، وان كان من تنسيق امني فهو بهدف عدم سرقه الجينات المزروعة في اليسار بعد أن فقد نموه الطبيعي، وسقط بسقوط جدار برلين، وتستمر الأغاني ويستمر التحقيق ويسأل المحقق عن الاسم الذي نسينا مع أغاني فيروز ودورة الأيام، فالاحتلال تجاوز الستين عاما وما زالت الأرض تدور وما زال الوطن فينا مسلوب وكانت الإجابة للمحقق الذي لا يعرف مع من يعمل أنا فلسطيني.
ويكون التحقيق بلا غاية او هدف فربما اختلطت المفاهيم كما في فيلم "خلطبيطه"، واشترك المتهم بالتحقيق وأشرك المحقق بأعمال المتهم، فمن منهم الوطن ومن منهم فلسطين ومن منهم النعجة ومن منهم الذئب، وبتنا في عصر العولمة وتنامي قوه إسرائيل نعرف من هو صاحب القطيع، ولا نعرف كيف يكون الوطن ليلا وكيف يكون الوطن نهارا، وهل يكون لليل والشارع والشجر والموج والبحر والأسماك روايات تذكرها لنا عن فلسطين، أم نعود إلى المختبر لإنتاج مناضلين مصنوعين في مختبر بأوصاف محددة سلفا وتفقد العقيدة مكانها، ونستعين بسلمة بن دينار الذي يسأله الخليفة عبد الملك بن مروان:من هو الأحمق فيجيب هو من يبيع آخرته من اجل دنيا غيره. ونحن هل نحن ثوار كتبة أم تجار أوطان، وأين يكون الوطن وما هي رائحته وأين يقطن، ربما في بيت ايل او القسطل او دير ياسين او في ايرز او عصيون، هل هو حاجز أمني أم دعم الرباعية بالخوذات والهراوات لأفراد الشعب الفلسطيني بدلا من الغذاء والدواء.
ربما يكون الوطن يشعر بالعطش أو ربما ينام بدون عشاء، فالوطن في ثنياته وقبل كل شيء هو الإنسان وليس الجغرافيا أو المكان، وفي غمره الاختلاط ومن شدة ما اختلطت الأمور تجد النعجة دوللي نفسها في لحظة عشق مع كلب الحراسة، وتستغرق فيه تتأمله للحصول على بعض ما يقدم له، وكل ذلك داخل السياج لأنه حماية لها فربما يتسلل بعض الإرهابيين إلى المكان، وربما يهتف فيها بعض الناس عاش الوطن، وربما تضيع منها العقائد ويختلط ماركس بدم احمد ياسين ويرى بعض الشيوعيين اليوم أنهم شيعة، وان معاوية ليس أحق من علي بالخلافة، او يكون اليمن ليس أحق من الأصوليين بالخلافة، ولا تعرف دوللي مع من تكون ولكن يجمعها مع كلب الحراسة ومنتجات المختبر والحديقة تاريخ وماضي مشترك، فحركة حماس حتى الآن لا تعتبر جزءا من منظمه التحرير ولكنها قد تكون، فأين تذهب دوللي بعد ذلك لو لم ينتبه كلب الحراسة لنظرات الهيام في عينيها، لعله مشغول بمرور الزمن ومشغول ان كان السياج يضيق ومشغول بحماية من هم خارج السياج من الإرهابيين ولكن أين الوطن.
يطرق علينا الوطن الأبواب ولا نفتح فيتسلل إلى أحلامنا يريد منا اليقظة فنبقيه خارجا خوف أن نتهم بالإرهاب، يشعر الوطن بالوحدة ويأكل الضجر والبرد من جنباته ويضيق على نفسه ولكنه يستمر في طرق الأبواب يداهم خلوتنا البيتية ويطرق على نوافذنا وأبوابنا بيتا بيتا، ويريد أن يستعيد فينا الألم والفرح ويرسم في عقولنا بيارات من البرتقال وشكل الجبال والوديان، ويعلمنا زراعة القمح والزيتون، فهل نتركه وحده في الخارج خلف الباب كما السماء والطارق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق