الأحد، 15 نوفمبر 2009

كأس من الشاي وسيارات كثيرة


ضج المحيط بأبواق سيارات كثيرة وحركة وصخب شديدين، أحيط المنزل من كل جوانبه بسيارات حديثه وجميله من مختلف الألوان والأحجام،وترافق ذلك مع قرع متواصل على الباب.
وفي اللحظة التي فتح فيها المواطن باب بيته التقفه اللواء فلان وأخذه بالأحضان معربا عن اشتياقه الشديد لصديقه القديم، ورغبته ان يخرج من أجواء العمل والطابع الرسمي، وأن يشرب وإياه كاس من الشاي بالميرميه كما الأيام الخوالي.
ووسط انفعال المواطن واندهاشه لكثرة السيارات وعناق اللواء الحار والدافئ، أوصي أهل البيت على كاس من الشاي، مترافقا مع ترحيب شديد بالقادم الضيف الصديق والمناضل من مرحلة الانتفاضة الأولى.
ولكن لم يكن بالبيت ميرميه فحصلوا عليها من بيت الجيران، وتم ذلك بمشقة وصعوبة بسبب كثرة المرافقين اللذين يرغبون بالتدقيق في كل حركة، وكل شاردة ووارده يفحصوها حرصا على سلامه الوطن وسلامه اللواء.
وجرى بين المواطن واللواء الكثير من الأسئلة والحوار لا يتسع المجال لذكرها كلها فلديهم شوق قديم متأصل وذكريات مشتركة عديدة، ولكن المواطن أثاره سؤال كيف أصبحت لواء بهذه السرعة؟ فأجاب اللواء وابتسامة عريضة تغطي وجهه: نحن ثورة وأصبحنا دوله بفعل الواقعية السياسية، ونحن دائما أمناء للتاريخ وقافلة الشهداء، حيث نحصل على رتبهم بعد استشهادهم وفاءا منا لهم ولذكراهم العطرة فنحن امتداد لكل الشهداء ابتداء من عز الدين القسام، وعبد القادر الحسيني مرورا بابي علي إياد وسعد صايل وأبو جهاد وكل قوافل الشهداء.
ولو ذكرنا معاركهم وما هي الرتب التي سوف يحصلون عليها لأصبح كل منا جنرال كما لقب أبو عمار أطفال الحجارة، وحصولي على رتبه اللواء ليس أكثر من وفاء لدماء الشهداء وميراث للمسيرة وتواصل في نقل الرسالة.
فرد المواطن الصديق: ولكن الجنرال جياب في فيتنام لم يحصل على رتبه جنرال إلا بعد معركة بيان ديان فو.
رد اللواء باستياء: لا تذكر الأنظمة الشمولية أمامي أنت شاهدت كيف أن المارشال اوستينوف رغم انه لديه خمسه ملاين جندي انهار نظامه مثل كومه من الرماد
نحن دولة وثورة ديمقراطية في واحة من البنادق.
رد المواطن: أخشى أنها واحة من الفنادق.
ضحك اللواء وقال: أين الشاي؟
رد المواطن: تأخرنا بإحضاره من عند الجيران بسبب الحراسة حول المنزل.
فرد اللواء: لا باس المواطن غير مرتاح والقائد غير مرتاح الكل بدو تصريح لقد انتظرنا رغم "الفي اي بي" على الحواجز حتى وصلنا إلى بيتك، وعلينا أن ندفع كمسئولين ضريبة المسؤولية، ونحن نعاني كثيرا ولكن بعض المواطنين لا يدرك ذلك.
يسكب الشاي ويرتشف منه القليل وهو ينظر في أرجاء المنزل وكمن تذكر شئ هام: مبروك الخزانة التي اشتريتموها بالأمس.
رد المواطن: يبارك فيك ولكن كيف عرفت بذلك؟
اللواء: عملنا أن نعرف كل شيء.
فرد المواطن: وهل تعرف أيضا أن ابني لم يحصل على منحه بالرغم من معدله العالي في التوجيهي.
اللواء: لا نعرف ولكن أنصحك أن تتقدم بطلب تفريغ له على أجهزه السلطة وسوف أساعدك في أن يحصل على تفريغ، فالبطالة عندنا نوعين نوع لا يعمل ولا يحصل على راتب، ونوع لا يعمل ويحصل على راتب، وانتم أسرة مناضلة ومن حقكم التفريغ على بعض الأجهزة.
رد المواطن: شكرا حيث ألاحظ أن الدول المانحة تهتم بتوفير الإعانة للشعب بين الفترة والأخرى، فكثير من الدول تقوم بالتبرع لكم بسيارات شرطة وسيارات أمن جديدة، إضافة إلى الدورات وما شابه ذلك.
أجاب اللواء: نعم الدول الغربية وأمريكا وإسرائيل تهتم أن يتم ترسيخ مظاهر السيادة وضبط القانون واعتقال الخارجين عن القانون، والسيادة ليست بالعلم والشعار الوطني فحسب، أيضا لها مظاهر عديدة مثل الصفر الدولي والإفراج عن بعض الترددات للشركة الوطنية للاتصالات.
رد المواطن: رحم الله أبو عمار كان دائما يقول حلمي ان أرى الدولة الفلسطينية تقام على تراب فلسطين إن من حقي أن احلم .
واستدرك: ماذا بشان حلم الدولة الفلسطينية إلى أين وصل؟
رد اللواء: هو الآن حلم أكثر من أي وقت مضى.
ولكن أريد منك خدمة قبل أن اخرج ولا تنسى أن ترسل ابنك للتقدم بطلب للتفريغ
سمعنا بوجود فلان في هذا الحي وهو كما تعرف مطارد.
رد المواطن: اعرف انه مطلوب للاحتلال منذ ستة أعوام وهو ضيف عندي.
رد اللواء وهويشير للحرس بالدخول:ضيف عندك؟ ممكن أنت وهو تكونوا ضيوف عندنا بالمقر؟ فانا مديون لك بكأس من الشاي وارغب أن أرده لك في نفس اليوم.
: فتشوا غرف المنزل واحضروهما ولكن عاملوا صديقي باحترام فهو ما زال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق