الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

حلويات حماس وأرقام جينس القياسية"حماس ترش على الموت سكر"

تسجل موسوعة جينس للأرقام القياسية في اليوم الواحد أرقاما جديدة، فمنها أرقام ذات مضامين هامة، ومنها أرقام ليس لها غاية سوى تجاوز حدا معينا، وإعطاء بعد دعائي تضليلي والتركيز على سطح الأمور دون التطرق إلى جوهرها، وان كانت النية والغاية بالأساس سليمة لمن يقوموا بتحقيق هذه الأرقام القياسية والتعب عليها.
وفي الأيام الأخيرة كان لدينا في الخليل من اجل الحفاظ على التراث أطول ثوب تراثي فلسطيني، وكان ذو شكل جميل وحياكة جيدة، ولكنه ليس عنوانا للقضية الفلسطينية وان كان جزء منها، فتأكيد الزي الفلسطيني لا يتم خلال تحويله لمجرد رمز بل من خلال الاستمرار بارتدائه.
وليس هذا فقط فقد كان الأجدى أن نحصل على الرقم القياسي في مجال الحياكة كونه أكبر ثوب، وليس في مجال القضية الوطنية التي تحولت في رقم قياسي آخر إلى اكبر مفتاح فلسطيني لرفع شعار عودة اللاجئين إلى ديارهم، وتحويل الرمز إلى مقدس.
فاستبدال الواقع بالطوطم وتحويل الرمز كبديل عن الواقع يمثل خطرا، فنحن نريد العودة إلى ديارنا فلسطين، ولكننا نريدها ليس في مشاعرنا فحسب ولا يتم بالرمزية فقط وإنما باقتران الحق بالقوة.
وحتى لا نتوه ونترك موضوعنا الرئيس نتحدث عن أرقام عربية من اكبر سدر كنافة إلى اكبر طاجن مغربي، وكلها أنشطة ايجابية إذا حصرناها في حدودها، الطاجن في مجال الطبخ، والثوب في مجال الحياكة واكبر صحن تبوله في شفا عمرو في مجال السلطات، وان كنا غائبين عن أمور أكثر جوهرية كحركة مقاومة وطنية فلم نصل يوما إلى تحقيق رقم قياسي في معدل عدد القتلى من الجنود المحتلين، رغم اننا حققنا أرقاما في مجال الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني كما سابقا في مجال الاقتتال الإسلامي الإسلامي، ومثل إبقاء جثة عبدالله بن الزبير أطول فترة معلقا على أستار الكعبة، ومثل سبي آل البيت على يد -يزيد ابن معاوية- من أتباع الحسين بن علي حيث سار بهم عراة من الكوفة حتى دمشق، أو كما قامت حماس بتصفية من لجأ إلى المسجد من سلفيين في رفح بوقت قياسي تجاوز الوقت للذين اعتصموا بالمسجد الأحمر في باكستان.
ونحن هنا نريد التميز بين الأرقام القياسية والفصل بين طبيعتها وبين ما يضفى عليها من لون وطني أو سياسي أو ديني، ولا ننسى أن نشير أن سعودي اخترع اصغر غواصة في العالم حجمها بحجم كره الفوتبول الامريكي، وعندما شاهدتها في الأخبار عرفت اللغز الذي كنا نحكيه ونحن أطفال(طاسه ترنطاسه في البحر غطاسه شي هي) إنها الاختراع السعودي اصغر غواصة في العالم فنحن نمتلك التكنولوجيا كلها ونملك اكبر البوراج ونريد الآن اختراع ميكرو غواصة.
إن الانشغال بالانجازات الصغيرة لاغراض الانجاز، او للعجز عن انجاز ما هو جوهري وأساسي يضعنا في موقف لا بد ان نلاحظ فيه ان هناك من يحاول ان يخدعنا كما تحاول حركه حماس في قطاع غزه ان تعمل، فلقد قررت ان تزور كل بيت من بيوت القطاع وتقديم كيلو غرام من الحلوى بمناسبة العيد وقد زارت أكثر من 28 ألف بيت خلال يومين، والناس على العموم تحب الحلويات وخاصة في الأعياد، وما يميز زيارات حماس هذه المرة أنها ليست فقط لما يسموه أسرة المسجد، فلكل مسجد اسرة أنصار وهي إنتاج على نطاق واسع للمؤلفة قلوبهم، تقوم على نظام. "تكون معنا بندعمك ما بتكون معنا ما بندعمك" ولن ندعمك،مع العلم أن معدل الفقر في قطاع غزة بتزايد دائم حيث أكد معهد دراسات التنمية في غزة فلسطينية أن معدل الفقر وصل في يناير 2008 الى نسبة 80%، وأن الذين يعيشون في فقر مدقع تصل نسبتهم الى 7,66%، اما هذه المساعدات فلا تكون خالصة لوجه الله بل هي مدفوعة لمقابل أما سياسي او شخصي.
وحققنا اكبر أرقام قياسيه أيضا فيما يخص الأنفاق فعدد قتلى الأنفاق بلغ أكثر من 130، فيما أصيب أكثر من 575 فلسطينيًّا منذ عام 2006، ولم يعد خافيا ان الأنفاق ضرورية في ظل الحصار لإيصال ما ينقص الناس من احتياجات حياتية، ولكن ان تتحول الأنفاق لاستثمار لعصابات التهريب أو لبعض المتنفذين لتحقيق مكاسب سريعة وشخصية، خاصة ان هناك أرقاما قياسية في ازدياد نحولة الشعب وزيادة سمنة القلة القليلة، رغم ما رفع من شعارات عن الزيت والزعتر فيدخل من الأنفاق ملايين ويدخل منها الحشيش المصري والمخدرات وتباع المنشطات مثل الاكامول وتكثر عمليات الابتزاز وعمليات تبيض الأموال.
ولا يعني أن من يقيم الصلاة يجب أن يكون حكما على الغير، في الوقت الذي ينهى عن المعروف ويأمر بالمنكر، ولا يجوز لأي مقاومة تحت ستار أنها مقاومة أن يتسلل من تحت عباءتها الكثير من الآفات والموبقات، فما زالت السلطة السياسية بسبب تعاطيها مع موضوع الحصار، وموضوع الوحدة الوطنية وتغليبها للأمور الإستراتيجية على الأمور الحياتية، وعدم التوفيق بين الجانب السياسي والجانب الحياتي تسمح للشتاء أن يدخل على الناس في ظل عدم صلاح البيوت في البرد الأمر الذي سيكون ويل على ساكنيها، فكثير من المواطنين ما زالوا في العراء بسبب التدمير الذي أحدثته إسرائيل في عدوانها الأخير على غزة، وهذا ليس شان البيوت في غزه فحسب فالحصار العسكري والفكري جعل أوراق أوراق الحمضيات شاحبة رغم أنها كانت دائمة الاخضرار في السابق فزيادة الظلام تخفف من نسبه الأوكسجين الذي تحتاجه النباتات لتقوم بالتمثيل الكلورفيلي، فالأزهار لم تعد محمودة، وإذا كان هذا شان النبات فكيف شان البشر الذي نضع على أفكارهم حراس ونلبسهم خوذات رغم ما يتم من حديث عن انتصارات المقاومة، فهو فوز يحتاج الى براهيم_ (براهين)، ونشير إلى حالة الصيادين فلا يحمد الصيادين بحرا ضاق فيهم واتسعت برك المجاري.
أما عن تسييس العلاقة بين العبد وربه فطاعة الرب تأتي بعد طاعة العبد، ولا يجوز استخدام اسم الرب لترويض الناس واستغلال جوعهم وبردهم وحياتهم القاسية من اجل طاعة العبد، وان توزيع الحلويات على كل بيت كنشاط واسع الانتشار من اجل استعاده العلاقة مع الجمهور والاتصال بالشعب على نطاق واسع عبر كيلو من الحلويات قد يقول البعض عنه اللي منهم أحسن منهم، ويكون البعض الآخر مرحبا بالفعل، ويكون البعض رافضا ذلك شكلا ومضمونا، فالحلويات لن تمحو ما يتذوقه الناس من مرارة يومية في ظل الحصار المفروض من الداخل والخارج، ولن يمحو من ذاكره الناس الدمار الذي تم على يد اسرائيل، والدم الذي سفك في الاقتتال الداخلي رغم وجود شعارات وطنيه سليمة باتجاه مقاومة الاحتلال والصمود في وجهه، ولكن لا يكفي باسم الأب والابن والقدس ألا يحيا الناس بحرية وكرامة، فما هو الوطن الذي نريد إن لم نجد فيه مأكل ومشرب ولباس، وأين يكون الوطن عندما يحول الفقر الناس إلى أذلاء في طوابير الكوبونات ويحولهم الى متسولين.
فلنعيد الى المواطنين كرامتهم ولنعيد الى الوطن كرامته، وذلك لا يتم فقط بالجغرافيا ولا بالقيد والحرية دائما منقوصة في داخل اي سجن، ولنعمل على فك الحصار والعمل على المصالحة والاتفاق الوطني وتخفيف القيد على حرية التعبير والسلوك الفردي، أم أننا فيما لو فتحت الحدود سنكون أمام عملية هروب جماعي ورحيل بعد ان ضاق الوطن بأصحابه، فلن نستطيع لا في العيد ولا في أيام الشتاء ان نطعم الناس شعارات.
ان الانتشار والاتساع في نشاط حركه حماس عبر المفاوضات لإطلاق سراح الأسرى ونشاطها في إيجاد توافق لوقف إطلاق الصورايخ من اجل إيجاد حاله من الهدوء والاستقرار نطالب به بمناسبة العيد وفي كل يوم، فليس يوم العيد هو اليوم الوحيد الذي تسرق فيه الابتسامة من وجوه الأطفال الكالحة ومن عيونهم البريئة، وعلى حماس أن تزاوج ما بين الشعارات السياسية وما بين متطلبات المواطن اليومية وحدها الأدنى العيش بكرامة، فلسنا في شعب أبي طالب ننتظر الدودة أن تأكل ورقة المقاطعة، وتبقى كلمه اللهم حمدك نحن كفلسطينيين سواء كنا حماس او سلطة او فتح او يسار او منظمة التحرير إذا وجدنا الإرادة الوطنية السليمة والشريفة ان نحافظ على المبادئ والعقائد من جهة ونصون كرامة الإنسان ،ففي نفس الوقت الذي ينساق فيه البعض في رام الله ويضحي بالآمال العريضة والتاريخية ولاستراتيجيه للشعب بمكاسب آنية لا نريد لسلطه حماس ان تتحدث عن شعارات استراتيجيه في وقت لا تهتم إن تكون من المرونة بمكان وترفع الحصار العسكري والفكري عن سكان القطاع إلا إذا كان هناك من يستفيد من هذا الحصار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق